أحالت النيابة العامة رسميًا شكوى تقدم بها المواطن عبد الحميد عساف ضد رجل الأعمال السوري محمد حمشو وعدد من الأشخاص الآخرين، إلى القضاء المختص للنظر فيها، وذلك بعد تسجيلها بالرقم 737 لعام 2025.
واتهم عساف في شكواه كلاً من محمد وأحمد حمشو، بالإضافة إلى محمد نذير الحفار، بالتورط في قضايا "تهجير سوريين والمتاجرة بمنازلهم"، مشيرًا إلى أن هذه الانتهاكات تتم وسط صمت حكومي، على حد تعبيره. كما شملت الشكوى اتهامات ضد مخفر الصالحية في دمشق، ممثلًا بمسؤوله المعروف بلقب "أبو أحمد"، بتهم تتعلق بـ"حجز حرية المدعي والضغط عليه لتوقيع تعهد بعدم التعرض لمحمد حمشو"، دون وجود أي ادعاء رسمي يبرر هذا الإجراء.
وتعكس تفاصيل القضية تعقيدات قانونية لافتة، لا سيما أن حمشو كان قد بادر في وقت سابق إلى رفع دعوى قضائية ضد عبد الحميد عساف يتهمه فيها بـ"التشهير الإلكتروني"، مما يضفي أبعادًا متشابكة على القضية التي تجمع بين اتهامات جنائية ومدنية.
ويُذكر أن محمد حمشو يُعد من أبرز رجال الأعمال السوريين المرتبطين بدوائر السلطة، وقد سبق أن واجه انتقادات حقوقية تتعلق بمصالحه الاقتصادية خلال سنوات النزاع السوري.
وتبقى الأنظار موجهة إلى مسار التحقيقات القضائية المرتقبة، وسط تساؤلات عن مدى جدية التعامل مع هذه القضية في ظل ظروف سياسية وأمنية معقدة تشهدها البلاد.
وتحمل خطوة إحالة النيابة العامة لشكوى عبد الحميد عساف ضد محمد حمشو ومخفر الصالحية جملة من الدلالات المهمة في سوريا الجديدة، التي تعد مواطنيها بالحرية والكرامة بعد سنوات طويلة من الظلم:
انكسار الحصانة التقليدية للمتنفذين:
في زمن النظام السابق، كان المواطنون يعتادون رؤية الحقوق تُغتصب دون قدرة على الاعتراض، بينما كان المتطفلون والمستفيدون من السلطة فوق القانون. إحالة هذه الشكوى اليوم تمثل رسالة رمزية بأن لا أحد فوق المساءلة، مهما كان موقعه.
مؤشر على نية بناء دولة القانون:
رغم كل التحديات، تبدو هذه الخطوة وكأنها إعلان ضمني بأن القضاء سيكون ساحة للفصل في النزاعات، وليس أداة لترسيخ سطوة المتنفذين كما كان في السابق.
تعزيز الثقة الشعبية:
قبول النظر في الشكوى يبعث برسالة طمأنة للمواطن العادي بأن التغيير ليس مجرد خطاب، بل سلوك مؤسساتي قابل للقياس في الواقع، وأن زمن السكوت على الانتهاكات قد انتهى.
إثبات التمايز عن الماضي:
في وعي السوريين، التغيير لا يُقاس فقط بالكلام، بل بالفعل. السماح بملاحقة قضايا كهذه — حتى ولو بشكل أولي — يؤكد أن سوريا الجديدة تسعى للفصل الواضح بينها وبين ممارسات النظام السابق الذي كان يغلق الأبواب بوجه المظلومين.
فتح الباب أمام ثقافة الشكوى والمطالبة بالحقوق:
هذه الإحالة قد تشجع آخرين ممن كانوا يخشون التقدم بشكاوى في قضايا مماثلة، مما يخلق ديناميكية مجتمعية جديدة، تقوم على ثقافة المساءلة والمطالبة بالعدالة.