في أول جلسة تم تخصيصها عن «السلم الأهلي والعدالة الانتقالية» مع إطلاق «منتدى الحوار السوري الديمقراطي»، عبّر السياسي ورجل الأعمال السوري رياض سيف عن «فخره» للتحاور مع أصحاب القضايا الذين حضروا، داعيا إياهم إلى اعتماد أسلوب الحوار لأنه الوسيلة التي «توصلنا إلى حلول سهلة من دون ان ندفع المزيد من الخسائر والأثمان»، وموضحا أن إغلاق ملف المقاتلين الأجانب لا يكون بإبعادهم كما يرى البعض، وإنما «باستيعابهم كما فعلت ألمانيا مع مليون من اللاجئين السوريين إليها، شريطة أن لا يحتلوا المراكز العليا في الدولة».
ووسط حضور مكثف من النشطاء السياسيين والصحافيين المحليين والأجانب، تم إطلاق «منتدى الحوار السوري الديمقراطي» من منزل في ضاحية قدسيا شمال غرب دمشق، كما كان حال سلفه «منتدى الحوار الوطني» الذي كان قد أطلقه رياض سيف عام 2000 من منزله في بلدة صحنايا جنوب غرب دمشق.
وفي صدر صالة المنزل وحول طاولة بسيطة، أمام الحضور الذي امتد إلى الفناء الخارجي، جلس المشاركون في جلسة «السلم الأهلي والعدالة الانتقالية»، وهم في الواقع كانوا أعضاء إدارة المنتدى إلى جانب الكاتب والباحث السوري في المركز العربي في واشنطن رضوان زيادة، ومن بينهم رياض سيف.
وأدار الجلسة المدير التنفيذي لـ»مؤسسة اليوم التالي لدعم الانتقال الديمقراطي في سوريا» والمتحدث الرسمي باسم المنتدى معتصم السيوفي، وأوضح أن «منتدى الحوار السوري الديمقراطي» سيديره عدد من الأصدقاء، وهم الحقوقية والسياسية ورئيسة المنتدى جمانة سيف، إلى جانب الكاتبة والباحثة السورية والمتحدثة الرسمية للمنتدى خولة دنيا، والداعية الإسلامي محمد العمار، ومدير مؤسسة الآغا خان في سوريا الطبيب ماهر أبو ميالة، والكاتب والصحافي السوري كمال شيخو.
وفي حديثه المقتضب أمام الحضور، وعبر صوته الذي ظهرت عليه علائم المرض الواضحة، عبر سيف عن «الفخر في لقائه مع هذه الوجوه الذين تجمعهم القيم وأصحاب القضايا الذين جاؤوا ليبحثوا عن حل لقضاياهم».
وقال: «الحوار هو الوسيلة الوحيدة التي يمكن أن توصلنا إلى حلول سهلة من دون أن ندفع المزيد من الخسائر والأثمان»، وبين أن «الأمر لا يجب أن يقتصر على ندوة نتشارك فيها مرة كل أسبوعين، بل علينا أن نفتح ملفات يمكن لنا أن نتابعها بعد انتهاء الجلسات وخلال أيام الأسبوع كافة إلى حين انعقاد الندوة التالية».
وضرب سيف مثالا بالعناوين التي يمكن فتح حوار حولها لإيجاد حل لها مثل «مشكلة الأجانب الذين قاتلوا إلى جانب الثوار السوريين خلال إسقاط نظام الأسد»، وتابع: «هناك مطالب خارجية لاستبعاد هؤلاء من صفوف الجيش السوري الجديد، وهناك من السوريين من يقول إن الأمر في غاية البساطة وليس علينا سوى إعادة الأجانب إلى الدول التي جاؤوا منها أو حتى تسليمهم لها وتنتهي المشكلة السورية».
سيف: فلنتحاور حول مشكلة المقاتلين الأجانب ولنقتدِ بألمانيا باستيعابها اللاجئين
وأضاف: «أرى أن الأمر لا يجب أن يذهب في هذا الاتجاه وإنما أن نقتدي بما فعلته ألمانيا مثلا مع مشكلة السوريين الذي لجأوا إليها فقامت باستيعاب أكثر من مليون منهم، ويمكن التفكير بمخارج مشابهة من دون استبعاد الأجانب لكن شريطة أن لا يحتلوا المراكز العليا ولا أن يظهروا في الصفوف الأولى والثانية والثالثة».
وأكد سيف انه «سيبقى خادما لأي نشاط يمكن أن يفيد مستقبل سوريا»، مشدداً على أن «هذا المكان سيبقى مفتوحاً أمام كل من يريد أن يتناقش ويتحاور للوصول إلى حياة أفضل للسوريين».
بدوه أوجز الداعية وعضو مجلس إدارة المنتدى محمد العمار وجهة نظر المنتدى ورسالته عبر إعادة تجديد نفسه بعد تحرير سوريا من الاستبداد، وقال: «نسأل الله أن يوفقنا في البناء والتعمير لوطن جديد تحكمه قيم جديدة تنهي مملكة القمع وتزهر فيه نبتة الحرية والديمقراطية لتصبح شجرة باسقة يتفيأ في ظلالها جميع السوريين بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية والطائفية والاثنية»، وتابع: «تعيش دمشق اليوم عودة ربيعها التي نطمع أن يصبح فضاء للتعبير الحر المسؤول وبما يعيد بناء الدولة كما نحبها ونتمناها». وبين أن المنتدى هو «مساحة في الزمان والمكان يمكن فيها تبادل الهموم والمواجع وبحث أفق مواجهة التحديات والصعاب وبناء التوافقات على وسائل خدمة المشروع الوطني وتعزيز العمل المشترك وبناء المستقبل»، مؤكدا أنه وعبر الحوار نذهب في اتجاه «استراتيجيات التوافق وآليات العمل الوطني التي نطلع إليها، حيث يتبادل الناس الأفكار بطريقة تعاونية تجسد استكشاف الحلول والأساليب لمواجهة التحديات وإنجاز المهام الوطنية».
وقال إن «الحوار هو طريقنا للعبور إلى توافق القلوب والعقول وبناء الرؤى المشتركة».
وفي بروشور الدعوة الذي تم توزيعه لحضور الجلسة الأولى، قالت إدارة المنتدى «رأينا إحياء جهد أسسه في ليل الاستبداد، البرلماني رياض سيف، أحد الأصوات التي ارتفعت في مملكة الصمت، راجين خلق فسحة لنقاش سوري سوري بنّاء ومثمر»، مشيرين إلى أن «الأوضاع المتغيرة في سوريا والمنطقة والعالم تفرض على جميع السوريين يقظة تامة وجهداً متصلاً يضمن أن يسلك البلد سكة المستقبل بأمان، من خلال ترسيخ دولة المواطنة العادلة، التي تكافئ التضحيات الجسام التي قدمها السوريون». ويعدّ رياض سيف من أبرز الأسماء التي شاركت بما عرف بـ«ربيع دمشق» بداية حكم الرئيس المخلوع بشار الأسد حين نشطت شخصيات معارضة لإحياء الحياة السياسية والمجتمع المدني في دمشق.
وأسس سيف الذي كان عضواً في مجلس الشعب، مع بداية عهد بشار الأسد، «منتدى الحوار الوطني» في منزله في صحنايا، وطالب بوضع حدٍّ لاحتكار حزب البعث للسلطة وكان من أبرز محاربي هيمنة وتسلط ابن خالة الرئيس رامي مخلوف على مقدرات البلاد وخصوصا على شركة سيرتيل للاتصالات الخليوية، ما أدى للحجز على أمواله ومنشآته الصناعية بعد فرض غرامات كيدية عليه، ومن ثم تجريده من الحصانة البرلمانية وصولا إلى اعتقاله والحكم عليه بالسجن خمس سنوات حتى 2006.
وفي نهاية شباط/ فبراير الماضي تحدثت تقارير إخبارية عن منع الإدارة السورية الجديدة سيف من إعادة فتح منتداه، الأمر الذي نفته ابنته جمانة، مشددة عبر منشور لها على صفحتها على فيسبوك بأن «الخبر غير صحيح في المطلق، لأنه لم يتم في الأصل تقديم أي طلب بخصوص إعادة الافتتاح أو الترخيص»، موضحة أن «سبب تأجيل الافتتاح يعود للتأخير في إنهاء أعمال الصيانة الضرورية والتي تطلبت وقتاً أكثر من المتوقع ومنها توفير التدفئة الضرورية ولو بالحد الأدنى»، ومشيرة إلى أنها «ستنشر إعلان الافتتاح الذي تتمناه قريباً».