تردد أمريكي في سوريا: ترامب يُفكّر بالانسحاب وسط دعم الحلفاء لحكومة ما بعد الأسد

مختص من مقال لصحيفة الواشنطن بوست
الخميس, 17 أبريل - 2025
آليات وجنود أميركان في سوريا
آليات وجنود أميركان في سوريا

في ظل تصاعد التوترات في الشرق الأوسط، يُعيد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب تقييم وجود القوات الأمريكية في سوريا، في وقت يتسابق فيه حلفاء واشنطن في أوروبا والشرق الأوسط لدعم الحكومة السورية الجديدة بقيادة أحمد الشراع، الذي أطاح ببشار الأسد في ديسمبر الماضي.

وبينما أوقف ترامب بعض برامج المساعدات الإنسانية إلى سوريا، يفكر في سحب القوات الأمريكية الموجودة هناك، ما يعكس خلافًا متزايدًا بين واشنطن وحلفائها بشأن مستقبل سوريا بعد الأسد. فمع تضاؤل النفوذ الروسي والإيراني في دمشق، ترى عواصم غربية أن حكومة الشراع، رغم ماضيه المرتبط بجماعات متطرفة، تفتح نافذة دبلوماسية نادرة لاستقرار نسبي في البلاد.

ومع ذلك، تتخذ الإدارة الأمريكية موقفًا مترددًا، إذ تواصل فرض العقوبات المفروضة منذ عهد الأسد، وتنتظر خطوات ملموسة من الحكومة الجديدة قبل اتخاذ أي قرار. ونقل مسؤول أمريكي أن واشنطن «تتعامل مع الملف السوري بحذر»، بانتظار إثبات الشراع تخليه عن الجماعات المتطرفة وقدرته على توحيد مكونات المجتمع السوري المتعدد.

وأشار ذات المسؤول إلى أن الأولوية الأمريكية ليست «إنقاذ سوريا من أجل شعبها»، بل منع عودة تنظيم “داعش” ووقف التمدد الإيراني، مضيفًا أن “الولايات المتحدة لا تملك سياسة واضحة حتى الآن”.

في اجتماع دولي ببروكسل الشهر الماضي، سلّم مسؤول أمريكي نظيره السوري قائمة من ثمانية شروط “لبناء الثقة”، من ضمنها السماح للولايات المتحدة بتنفيذ عمليات مكافحة الإرهاب داخل الأراضي السورية، وحظر وجود الجماعات الفلسطينية وترحيل عناصرها، لطمأنة إسرائيل.

ورغم حديث إدارة ترامب عن تقليص الوجود العسكري في سوريا، لا يزال الغموض يكتنف نواياها. إذ حذر خبراء ومسؤولون من أن الانسحاب قد يفتح الباب أمام “داعش” للعودة، خاصة مع تزايد الهجمات في شرق سوريا، واستهداف معسكرات الاحتجاز التي تضم الآلاف من عناصر التنظيم تحت إشراف “قوات سوريا الديمقراطية”.

من جانبهم، يشكك بعض الحلفاء والخبراء الإقليميين في نوايا الشراع وقدرته على بناء دولة شاملة وديمقراطية، معتبرين أن أي تغيير جاد يتطلب تخفيفًا تدريجيًا للعقوبات. وقال مروان المعشر، نائب رئيس مركز كارنيغي ووزير خارجية الأردن الأسبق: “دون تخفيف العقوبات، لن يتمكن الشراع من تحقيق أي تقدم على الأرض”، مشيرًا إلى تدهور الوضع الاقتصادي والانقطاع شبه التام للكهرباء.

وفيما تسعى روسيا لإعادة موطئ قدمها في سوريا من خلال إرسال النفط والمساعدات، حذّر مسؤولون أمريكيون من أن إيران ستستغل الفراغ إذا لم تحظَ الحكومة الجديدة بدعم دولي.

في الوقت ذاته، تزداد حدة التنافس بين تركيا وإسرائيل بشأن مستقبل سوريا. فأنقرة ترى في دعم حكومة الشراع وسيلة لإعادة اللاجئين السوريين وكبح طموحات الأكراد، بينما تعتبر إسرائيل الشراع “متطرفًا متخفيًا” وتُفضّل بقاء سوريا ضعيفة ومقسمة.

وبينما تحتدم الخلافات الإقليمية، لا تزال واشنطن مترددة بين تقليص الوجود العسكري أو الحفاظ على نفوذها في بلد يمر بمرحلة مفصلية. والمشهد، وفق المراقبين، مرهون بما إذا كانت الإدارة الأمريكية ستغتنم اللحظة أو تترك المجال لقوى أخرى لرسم مستقبل سوريا.