كشفت ثلاثة مصادر مطلعة لوكالة رويترز أن المملكة العربية السعودية تخطط لسداد ديون سوريا المستحقة للبنك الدولي، في خطوة من شأنها أن تمهّد الطريق أمام موافقة البنك على تقديم منح مالية بملايين الدولارات لدعم جهود إعادة الإعمار وتعزيز القطاع العام السوري المنهك بعد سنوات من الحرب.
وتُعد هذه الخطوة – في حال تنفيذها – أول حالة معروفة تُقدِم فيها السعودية على تمويل مباشر لسوريا منذ الإطاحة بالرئيس السابق بشار الأسد العام الماضي.
. ويرى مراقبون أن هذا التحرك قد يكون مؤشراً على بداية تحقّق الدعم الخليجي العربي لسوريا على أرض الواقع، بعد أن ظلت مبادرات سابقة، من بينها خطة قطرية لتمويل رواتب الموظفين، متعثرة نتيجة حالة الغموض المتعلقة بالعقوبات الأميركية المفروضة على دمشق.
وكانت قطر قد أعلنت الشهر الماضي عن خطة لتزويد سوريا بالغاز عبر الأردن، بهدف تحسين إمدادات الكهرباء المتدهورة في البلاد، وهي خطوة قالت مصادر لرويترز إنها نُفذت بعد الحصول على موافقة ضمنية من الإدارة الأميركية.
ورداً على استفسار رويترز، قال متحدث باسم وزارة المالية السعودية: "نحن لا نعلق على التكهنات، لكننا نُصدر الإعلانات عندما تصبح رسمية". ولم يرد مكتب الإعلام في الحكومة السعودية، ولا المتحدث باسم البنك الدولي، ولا مسؤول في الحكومة السورية على طلبات للتعليق الفوري.
وتبلغ ديون سوريا المتأخرة للبنك الدولي نحو 15 مليون دولار، ويعد تسديد هذا المبلغ شرطاً أساسياً قبل أن يتمكن البنك من تقديم أي منح أو دعم مالي مباشر.
ووفقًا لمصادر مطلعة، فإن خططًا سابقة لسداد هذه الديون باستخدام أصول سورية مجمّدة في الخارج لم تُكلل بالنجاح، في ظل النقص الحاد في العملات الأجنبية الذي تعاني منه الحكومة السورية.
وقالت مصادر في البنك الدولي إن هناك مناقشات جارية بشأن إمكانية تقديم تمويل لإعادة تأهيل شبكة الكهرباء السورية التي تضررت بشدة جراء الحرب، إلى جانب دعم رواتب موظفي القطاع العام.
وفي تطور لافت، تستعد سوريا لإيفاد وفد رفيع المستوى إلى العاصمة الأميركية واشنطن، للمشاركة في الاجتماعات السنوية الربيعية للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي في وقت لاحق من هذا الشهر. وتمثل هذه الزيارة أول حضور رسمي لمسؤولين سوريين في الولايات المتحدة منذ الإطاحة بالأسد.
ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان الوفد السوري سيعقد لقاءات مع أي مسؤولين أميركيين، في ظل استمرار سريان العقوبات الأميركية الصارمة المفروضة منذ عهد الأسد. ورغم إصدار واشنطن في يناير الماضي إعفاءً مؤقتًا مدته ستة أشهر لبعض العقوبات بهدف تسهيل تقديم المساعدات الإنسانية، إلا أن تأثير هذه الخطوة كان محدودًا.
ووفقًا لدبلوماسيين ومصادر أميركية تحدثوا لرويترز، قدّمت الإدارة الأميركية الشهر الماضي قائمة شروط للحكومة السورية الجديدة، يجب تنفيذها مقابل تخفيف جزئي للعقوبات. ومع ذلك، لا يبدو أن إدارة الرئيس دونالد ترامب قد انخرطت بعمق في الحوار مع الحكام الجدد في دمشق، بسبب الانقسام داخل واشنطن حول كيفية التعامل مع سوريا. إذ يفضل بعض مسؤولي البيت الأبيض اتخاذ موقف أكثر تشددًا، مستندين إلى ما يرونه صلات للقيادة السورية الجديدة بتنظيم القاعدة في السابق.