دمشق – في مشهد استعاد روح الإيمان والأمل، احتفلت الطوائف المسيحية التي تتبع التقويمين الغربي والشرقي في العاصمة السورية دمشق بأحد الشعانين، وهو العيد الذي يحيي ذكرى دخول السيد المسيح إلى مدينة القدس، حاملاً رسالة السلام والرجاء، ومحاطاً بجموع المؤمنين وهم يلوّحون بأغصان الزيتون وسعف النخيل.
هذا الاحتفال الذي يُعدّ أحد أبرز أعياد الطفولة في التقليد المسيحي، يرمز إلى بداية أسبوع الآلام ويجسد دخول المسيح كملك للسلام لا يحمل سيفًا بل كلمة، يتخذ في سوريا اليوم معنى مضاعفاً، إذ يلتقي الاحتفال الديني بالبعد الوطني في ظل التحولات الجارية نحو بناء سوريا جديدة، أكثر حرية وعدالة، بعد عقود من القمع والصراع.
وقد أقيمت القداديس والصلوات في كنائس دمشق، وسط حضور شعبي واسع، وترأسها أصحاب الغبطة البطاركة والسادة المطارنة، الذين رفعوا الدعاء من أجل أن تنعم سوريا بالأمن والوحدة، وأن تتجاوز آلامها نحو مستقبل أكثر إشراقًا. وعبّروا في عظاتهم عن أمل الكنيسة بأن يكون هذا العيد مناسبة لتجديد الالتزام بالمحبة، وتأكيد قيم العيش المشترك التي ميّزت المجتمع السوري عبر تاريخه.
وجاءت رسائلهم واضحة في دعوتها للسوريين، على اختلاف انتماءاتهم، إلى التكاتف من أجل إرساء دعائم السلام الحقيقي، والمشاركة في إعادة إعمار الوطن على أسس من المواطنة والعدالة، بعد سنوات من المعاناة والانقسام. وشددوا على أن سوريا الجديدة يجب أن تكون وطنًا لجميع أبنائها، حيث تُحترم الكرامة الإنسانية وتُصان الحريات الدينية والمدنية.
واختُتمت مراسم الاحتفال بعروض لفرق الكشاف داخل الكنائس، حيث صدحت الترانيم والترانيم الروحية، وتوزعت الحلوى على الأطفال في أجواء من الفرح والتفاؤل، وكأن دمشق التي عانت طويلًا، تعلن من قلب كنائسها ولادة أمل جديد.