تركيا تعلن آلية إقليمية جديدة بالتنسيق مع سوريا ودول الجوار لمواجهة التوترات الإقليمية

السوري اليوم
السبت, 12 أبريل - 2025
الرئيسان التركي رجب طيب أردوغان والسوري أحمد الشرع
الرئيسان التركي رجب طيب أردوغان والسوري أحمد الشرع

أعلنت تركيا عن تأسيس آلية إقليمية خماسية تضم كلاً من تركيا، العراق، سوريا، لبنان، والأردن، بهدف التصدي لما وصفته بـ”الدور الإسرائيلي المزعزع للاستقرار الاستراتيجي في المنطقة”، وذلك في خطوة لافتة لتعزيز التنسيق الأمني والسياسي في أعقاب التغيرات الكبرى التي شهدتها الساحة السورية.

وكشف نائب وزير الخارجية التركي نوح يلماز، خلال مشاركته في منتدى أنطاليا الدبلوماسي، أن هذه الآلية لا تهدف إلى استبدال أي نظام إقليمي، بل تسعى لتوفير أدوات تنسيق عملية، خصوصاً لدعم المؤسسات السورية الجديدة وتمكينها من بناء قدرات ذاتية. وأكد أن العمل بالآلية سيبدأ “قريباً جداً”، مشيراً إلى أن مركز تنسيقها سيكون داخل الأراضي السورية، وبإدارة سورية مباشرة.

لقاء قمة بين أردوغان والشرع

وفي السياق ذاته، عقد الرئيسان رجب طيب أردوغان وأحمد الشرع اجتماعاً ثنائياً على هامش المنتدى، تناول العلاقات الثنائية وعدداً من القضايا الإقليمية والدولية، في مؤشر جديد على مستوى التقارب بين أنقرة ودمشق.

وأعرب أردوغان عن امتنانه لما وصفه بـ”إفشال محاولات نشر الفوضى مجدداً في سوريا”، مشدداً على أهمية الحفاظ على الاستقرار في البلاد. كما أكد مواصلة الجهود الدبلوماسية لرفع العقوبات الدولية عن سوريا، معرباً عن رغبة بلاده في تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري، والتوسع نحو مجالات أوسع.

حضور سوري رفيع في منتدى أنطاليا

وشهدت الدورة الرابعة من منتدى أنطاليا الدبلوماسي، والتي عقدت تحت شعار “تبنّي الدبلوماسية في عالم منقسم”, مشاركة سورية بارزة بوفد رسمي ترأسه الرئيس أحمد الشرع، برفقة عقيلته لطيفة الدروبي ووزير الخارجية أسعد الشيباني.

وحظي الوفد السوري باهتمام إعلامي واسع، منذ لحظة وصوله إلى تركيا، وسط متابعة دقيقة لتحركات الرئيس الشرع واللقاءات التي عقدها على هامش المنتدى. وأجرى الشرع سلسلة لقاءات مع عدد من القادة والمسؤولين، أبرزهم رئيس وزراء قطر الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ورئيسة كوسوفو فيوسا عثماني، والرئيس الأذربيجاني إلهام علييف، ورئيس وزراء ليبيا عبد الحميد الدبيبة، في دلالة على مسعى سوري واضح نحو توسيع شبكة الشراكات الدولية بعد سنوات من العزلة.

توازنات جديدة في سوريا ما بعد الأسد

تأتي هذه التحركات التركية – السورية في ظل واقع سياسي جديد أعقب سقوط نظام بشار الأسد أواخر عام 2024، وما تلاه من تدخل متزايد لأنقرة في سوريا، بما في ذلك استخدام قواعد جوية داخل الأراضي السورية. الأمر الذي أثار مخاوف إسرائيلية تُرجمت بسلسلة غارات استهدفت تلك القواعد، ودفع تركيا إلى التأكيد أنها “لا تسعى لصدام مع أي دولة على التراب السوري”.

وفي ظل تلك التوترات، دخلت أنقرة وتل أبيب في محادثات تقنية لتجنب التصعيد العسكري، في وقت تشير فيه تقارير إلى دعم واضح من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للمساعي التركية في سوريا. ووفقاً لصحيفة تايمز أوف إسرائيل، فإن التمدد التركي على الأرض السورية يقيّد مساحة المناورة الإسرائيلية، وسط تزايد التفاهم بين أنقرة ودمشق الجديدة.

أهداف استراتيجية لأنقرة ودمشق

وتسعى تركيا من خلال الآلية الإقليمية إلى خلق مظلة شرعية لتدخلها في سوريا، وترسيخ تعاون أمني وعسكري مع الحكومة السورية الجديدة، بما يشمل تقديم مساعدات دفاعية وتدريبية للجيش السوري الجديد، إلى جانب دعم مشاريع إعادة الإعمار وتسريع عودة اللاجئين.

من جانبها، ترى دمشق في الآلية فرصة للحصول على دعم إقليمي ودولي، وتمكين المؤسسات الحكومية في مرحلة ما بعد الحرب، لا سيما بعد خسائر اقتصادية وبشرية فادحة خلال السنوات الماضية.