تحولت جلسة مجلس شورى النظام الإيراني إلى ساحة صدام حاد بين أجنحة الحكم، كاشفة تصدّعًا داخليًا يضرب قلب السلطة في طهران. فبدلاً من نقاش منضبط حول مستقبل المفاوضات المرتقبة مع الولايات المتحدة، شهدت الجلسة مواجهة مفتوحة بين تيارات متعارضة، وسط هجمات لفظية واتهامات بالتفريط والخيانة، في مشهد وصفه مراقبون بـ”صراع الذئاب”.
هجوم التيار المتشدد: لا تفاوض مع الشيطان
النائب المتشدد صباغيان بافقي قاد الهجوم على مؤيدي الحوار مع واشنطن، محذرًا من تكرار ما وصفه بـ”سذاجة الماضي”.
وقال في كلمة نارية أمام المجلس:
“المؤمن لا يُلدغ من جحر مرتين. ألم تجربوا الاتفاق مع أوباما؟ والنتيجة كانت انهيارًا وعقوبات مشددة. مشكلتنا ليست مع من يجلس في البيت الأبيض، بل مع طبيعة النظام الأمريكي نفسه.”
وأضاف، محذرًا من غضب الشارع:
“إذا تفاوضتم وخُدعتم مجددًا، فسينظر إليكم الشعب كما نظر إلى من وقعوا معاهدة تركمانچاي. لا تبيعوا استقلال البلاد مقابل أوهام دبلوماسية.”
هذا الموقف يعكس مخاوف التيار المتشدد من أن أي انفتاح دبلوماسي قد يهدد قبضتهم على مفاصل السلطة، خاصة في ظل هشاشة الوضع الداخلي.
صوت آخر: الواقعية السياسية مقابل الجمود
في المقابل، برز صوت مخالف – لم يُكشف عن اسمه لدواعٍ أمنية – دعا إلى “تعاطٍ واقعي مع المتغيرات”، معتبرًا أن تجاهل الحوار قد يكون أكثر خطورة.
قال النائب:
“المحادثات تبدأ يوم السبت. هل أعددنا موقفنا؟ هل لدى وزير الخارجية توجيهات واضحة؟ لا يمكن ترك الساحة بلا موقف، خاصة وأن العدو لا يفهم إلا بلغة القوة.”
هذا الطرح، وإن لم يروّج للتطبيع، دعا إلى التفاوض من موقع القوة، محذرًا من فراغ استراتيجي قد يُستغل ضد النظام.
عودة شبح “مجاهدي خلق” داخل البرلمان
بشكل لافت، استُحضر اسم منظمة مجاهدي خلق داخل البرلمان، حيث أشار وزير الاقتصاد السابق إحسان خاندوزي إلى دورها في كشف الملفات النووية للنظام، ما أدى إلى قرارات دولية مؤلمة.
قال خاندوزي:
“منظمة مجاهدي خلق كشفت مواقع نووية أدت إلى القرار 1929. كانوا ذريعة لحصارنا، ومن أسباب عزلة النظام.”
هذا الاعتراف يعكس قلقًا متزايدًا من الدور المتنامي للمعارضة المنظمة، لا سيما مع عودة الزخم الشعبي المناهض للنظام في الداخل.
الخلاصة: وحدة مفقودة ونظام مأزوم
ما جرى في برلمان طهران ليس مجرد سجال سياسي، بل صورة مصغّرة عن تفكك السلطة في لحظة حساسة. الخلاف حول التفاوض مع أمريكا تجاوز التكتيك السياسي، ليكشف انهيارًا في وحدة القرار، وفقدان ثقة داخلية في قدرة النظام على إدارة الأزمات.
ومع تصاعد الاحتجاجات الشعبية وضغوط الشارع، يبدو أن الحسم لن يأتي من تحت قبة البرلمان، بل من صوت الشارع والمقاومة، حيث يتصاعد التحدي ويخبو وهم الوحدة.