نبع عين الفيجة: بين التاريخ والنقاء وسبل النهوض بعد التدمير

السوري اليوم
الاثنين, 24 فبراير - 2025
نبع  عين الفيجة المغذي لنهر بردى
نبع عين الفيجة المغذي لنهر بردى


زار محافظ ريف دمشق عامر الشيخ والمسؤول عن منطقة قدسيا وائل صدقة بلدة عين الفيجة في منطقة وادي بردى، للاطلاع على الأضرار التي لحقت بالبلدة خلال فترة النظام البائد. تم خلال الزيارة مناقشة التحديات التي تواجه عودة الأهالي الذين هجروا قسرًا من البلدة، بالإضافة إلى بحث سبل النهوض بالمنطقة.

كما شملت الزيارة نبع عين الفيجة الذي يعد من أبرز الموارد المائية في سوريا وأحد أنقى الينابيع في العالم. حيث تم استعراض المعوقات التي تواجه عمل النبع والبحث في الحلول المتاحة لضمان استمرارية تدفق المياه العذبة للعاصمة دمشق.

تسعى الحكومة السورية الجديدة إلى تعزيز الجهود لإعادة إعمار البلدة واستعادة مكانتها التاريخية، في وقت يعد نبع عين الفيجة مصدرًا حيويًا للسكان المحليين، فضلًا عن قيمته التاريخية الكبيرة التي تمتد إلى العصور القديمة.

يُعد نبع عين الفيجة أحد أهم الموارد المائية في سوريا، حيث يزود العاصمة دمشق وضواحيها بالمياه العذبة منذ العصور القديمة. يتميز هذا النبع بغزارته ونقاوته العالية، حيث أكدت الدراسات العلمية أن مياهه تُعدّ من أنقى المياه في العالم، نظرًا لتكوّنها في طبقات صخرية كلسية طبيعية بعيدة عن مصادر التلوث. فضلاً عن ذلك، تشكّل بلدة عين الفيجة، الواقعة على ضفاف نهر بردى، نقطة جذب تاريخية وسياحية بفضل موقعها الجبلي ومناخها المعتدل.

الموقع الجغرافي والطبيعة الجيولوجية

تقع بلدة عين الفيجة غرب دمشق، على بعد حوالي 12 كيلومترًا، وترتفع عن سطح البحر نحو 890 مترًا. تحيط بها جبال شاهقة، مثل جبل الهوّات من الشرق، جبل القلعة من الشمال، وجبل القبلية من الجنوب. يتدفق نبع الفيجة من سفح جبل القلعة، لينضم إلى نهر بردى، الذي يُعتبر الشريان المائي الأساسي لمدينة دمشق.

أما جيولوجيًا، فإن الصخور الكلسية التي تشكّل خزانات طبيعية للمياه في هذه المنطقة تسهم في ترشيح وتنقية المياه، مما يجعلها خالية من الطفيليات والجراثيم. وقد أشارت الفحوص العلمية إلى أن مياه الفيجة تتمتع بدرجة نقاوة استثنائية، مما يضعها في مصاف أنقى الينابيع العالمية.

المناخ وأثره على المياه

تمتاز منطقة عين الفيجة بمناخها المعتدل صيفًا، حيث تتراوح درجات الحرارة بين 25 و30 درجة مئوية، فيما تنخفض شتاءً إلى حوالي 5 درجات تحت الصفر. وتساهم معدلات الهطول المطري، التي تصل إلى نحو 400 ملم سنويًا، بالإضافة إلى تراكم الثلوج على الجبال المحيطة خلال فصل الشتاء، في تغذية النبع، مما يحافظ على غزارته.

أهمية نبع الفيجة عبر التاريخ

لعب نبع عين الفيجة دورًا محوريًا في تاريخ دمشق، حيث يعود استخدامه كمصدر أساسي للمياه إلى العصور الرومانية، إذ شيّدت قنوات لنقل مياهه إلى المدينة. ومع تطور الحضارات الإسلامية، تم تحسين هذه القنوات لتوفير المياه النظيفة لسكان دمشق. في العصر العثماني، استمر الاهتمام بالنبع عبر توسيع شبكة التوزيع، فيما شهدت الفترة الحديثة إنشاء مشاريع لضخ المياه مباشرةً إلى دمشق، ما ساهم في استدامة هذا المورد الحيوي.

الخصائص الفيزيائية والكيميائية للمياه

يتميز ماء الفيجة بخصائص فيزيائية وكيميائية مميزة، حيث إنه منخفض العسرة، ويحتوي على نسب متوازنة من المعادن المفيدة للصحة، مثل الكالسيوم والمغنيسيوم. كما أن حموضته الطبيعية تتوافق مع المعايير الصحية العالمية، مما يجعله ماءً صالحًا للشرب دون الحاجة إلى معالجة كيميائية.

نبع الفيجة خلال الحرب السورية

خلال الثورة السورية التي اندلعت عام 2011، شهدت منطقة عين الفيجة صراعات عنيفة نظرًا لأهميتها الاستراتيجية كمصدر رئيسي للمياه المغذية للعاصمة دمشق. في أواخر عام 2016 وأوائل 2017، تعرضت البلدة ونبع الفيجة لأضرار جسيمة نتيجة القصف والاشتباكات بين الأطراف المتنازعة، مما أدى إلى تدمير بعض منشآت المياه وانقطاع الإمدادات عن دمشق لأسابيع.

لمشاهدة الكتاب اضغط