يواجه النظام الإيراني تداعيات واسعة بسبب تراجع نفوذه الإقليمي، مما أثار مناقشات كثيرة في وسائل الإعلام الحكومية. ومع ظهور حقيقة هذه الإخفاقات بشكل لا يمكن إنكاره، تكشف المناقشات الداخلية بين مسؤولي النظام عن مخاوف متزايدة بشأن مستقبله.
بينما يحاول المرشد الأعلى علي خامنئي ومسؤولون آخرون التقليل من حجم الأزمة عبر استعراض قوة وهمية، إلا أن الشروخ العميقة في الإطار الإستراتيجي للنظام باتت واضحة. حتى داخل النظام نفسه، بدأ البعض في انتقاد سياساته السابقة والتحدث عن عواقبها.
الانتقادات الداخلية لإستراتيجية النظام
في 1 يناير، انتقد محمد علي جنتخواه، أحد منظّري النظام، علانيةً نهج النظام في مقابلة مع موقع ديدار نيوز الحكومي، حيث وصف إستراتيجية "العمق الإستراتيجي" بأنها معيبة ومضرة، قائلاً:
"هذه الإستراتيجية، مع نهجها المزعوم حول العمق الإستراتيجي والخطابات الفارغة، لا يمكن أن تستمر. يبدو أننا كررنا أخطاء الماضي دون أن نتعلم من التاريخ. البلاد الآن على وشك انهيار غير معروف النتائج."
إشارة جنتخواه إلى "الانهيار غير المعروف" هي اعتراف صريح بتفكك النظام المتزايد. وهذا يشير إلى فشل ليس فقط في السياسات الخارجية ولكن أيضاً إلى تآكل الوحدة الإيديولوجية والسياسية داخل هيكل النظام نفسه. ويرى جنتخواه أن لا الإصلاحيين ولا الأصوليين قادرون على حل المشاكل العميقة التي تعاني منها البلاد.
التداعيات الاجتماعية للإخفاقات الإستراتيجية
التراجع في نفوذ النظام الإقليمي له أيضاً تداعيات داخلية. ومن بين هذه التداعيات، تراجع النظام عن قوانين مثل مشروع قانون الحجاب والعفاف. هذا القانون، الذي كان يوماً ما محوراً للقمع، تم تأجيله تحت ضغط اجتماعي متزايد.
وفي تعليقه على هذه القضية، قال جنتخواه:
"مصير بشار الأسد هو نتيجة تنفيذ هذا القانون. أعتقد أن المجلس الأعلى للأمن القومي أدرك مخاطر هذه الخطوة وتدخل لتأجيلها. تنفيذ هذا القانون يمكن أن يقودنا بسرعة إلى مصير مشابه لما حدث لبشار الأسد."
هذا التراجع يعكس إدراك النظام للتوترات الاجتماعية المتزايدة. وبينما يحاول النظام تجنب إشعال غضب شعبي، يظل المجتمع الإيراني في حالة احتجاج ومطالبة بالتغيير.
مجتمع يستعد للتغيير
خلق عدم الاستقرار السياسي بيئة تتسم بتفاعلات بين الناس والنظام تميل أكثر نحو المقاومة والتحدي. أصبحت الأماكن العامة مثل المترو والحافلات ساحات للتعبير عن المعارضة والمقاومة البسيطة ولكن ذات المعاني العميقة. وكما أشار جنتخواه:
"الناس في محادثاتهم أو تغريداتهم أو حتى سلوكياتهم في وسائل النقل العام يبدو أنهم ينتظرون حدثاً كبيراً. هناك شعور بالاستعداد الجماعي، إحساس بأن هناك شيئاً كبيراً على وشك الحدوث والجميع مستعد للمشاركة فيه."
هذا الاستعداد المتزايد يعكس مجتمعاً سئم من الوضع الحالي ويطالب بالتغيير. النظام الإيراني يواجه الآن ليس فقط فقدان نفوذه الإقليمي، بل أيضاً ضغوطاً داخلية شديدة تسعى إلى إنهاء عقود من القمع وسوء الإدارة.
الخاتمة
كفاح النظام الإيراني للحفاظ على نفوذه الإقليمي كشف عن نقاط ضعف تتجاوز السياسة الخارجية. الانتقادات الداخلية من شخصيات مثل جنتخواه والسخط الاجتماعي الواسع يعكس التحديات الكبيرة التي تواجه النظام.
مع تصاعد الإخفاقات الإستراتيجية وتداعياتها الاجتماعية، تتزايد الدعوات إلى مستقبل خالٍ من الديكتاتورية يوماً بعد يوم. لم يعد السؤال حول "ما إذا كان التغيير سيحدث"، بل حول "متى وكيف سيُكتب هذا التغيير بيد الشعب الإيراني".