"قسد" تستولي على أملاك "سويديك" المسيحية، بين الدافع العنصري والمستفيد منه

السوري اليوم ـ حسين جلبي
الثلاثاء, 6 أبريل - 2021
صورة لآليات تحرث أراضي قرية سويديك (انترنت)
صورة لآليات تحرث أراضي قرية سويديك (انترنت)

لا تزال تداعيات سيطرة قوات سوريا الديمقراطية على أراضي قرية "سويديك" الواقعة في ريف ديرك/المالكية الغربي تتواصل، إذ اتهم عدد من سكان القرية؛ الذين رفضوا الافصاح عن هوياتهم، بالإضافة إلى جهات حقوقية مقربة منهم، قوات "قسد" بالعمل على اجراء تغييرات في طبيعة القرية لدوافع عنصرية، تتمثل باستهداف سكانها بسبب هويتهم الدينية المسيحية، بهدف دفعهم إلى مغادرة القرية والاستيلاء عليها.

وتفاجأ سكان قرية "سويديك" قبل أسبوع، بعدد من الآليات في محيط قريتهم، وهي تعمل على الحفر في تلال القرية وتسويتها، وعندما استفسروا عما يجري؛ قيل لهم بأن الغاية هي (تسوية الأرض لزراعتها بالأشجار المثمرة، بهدف زيادة الغطاء النباتي للقرية وبالتالي زيادة المساحات الخضراء لحماية التربة من التصحر واستقطاب عدد أكبر من المتنزهين)، هذا رغم وفرة المياه والأشجار في القرية، وكونها مقصداً للمتنزهين من سكان المنطقة أصلاً، بسبب طبيعتها الخلابة.

اتهامات بالتغيير الديمغرافي

واتهم جميل دياربكرلي، مدير المرصد الآشوري لحقوق الانسان في تصريحات صحفية قوات سوريا الديمقراطية، بتنفيذ "مخططات تهدف إلى التغيير الديمغرافي في قرية سويديك الواقعة وسط قرى عربية وكُردية، من خلال وضع اليد على أراضٍ زراعية تعود ملكيتها لعائلات سريانية مسيحية حسب سندات الملكية"، ورغم اعتراض الأهالي على أعمال الحفر، فقد أبلغهم عناصر من "قسد" بأن القرار لا رجعة عنه، بعد أن اتخذه "كادرو"، في إشارة إلى الكادر في حزب العمال الكُردستاني، والذي يتمتع بسلطات مطلقة عادةً، بعد أن منحه حزبه صلاحيات لتقرير مصير ما يُكلف به.

الكُرد أيضاً وسط عاصفة "قسد"

والواقع هو أنه سبق لمسؤولين في "الإدارة الذاتية الديمقراطية"، وأن استولوا على أراضي بعض الملاك الكُرد في المنطقة بحجج واهية، منها كبر حجم الملكية أو عدم وجود سندات ملكية تتوافق مع سجلات الإدارة المعلنة من قبل حزب الاتحاد الديمقراطي، وهو الفرع السوري لحزب العمال الكُردستاني الذي تتبعه "قسد" عملياً، وقد قام المشار إليهم باستثمارها لمصلحتهم، كما سبق لإدارة الحزب وأن أعلنت عن تفعيل "قانون استثمار أملاك الغائبين" الذي وضعته، الذي يقوم على وضع اليد على أملاك المهجّرين من المنطقة، بهدف "وضعها في خدمة المصلحة العامة"، وهي تشمل أملاك جميع المكونات، ومنهم عرب وكُرد ومسيحيون، إلا أنها كانت تتراجع في اللحظة الأخيرة عن التنفيذ، بسبب الاحتجاجات من جانب المعتدى على أملاكهم.

"قسد" بين العداء والمحاباة

ومثلما تُتهم "قوات سوريا الديمقراطية" بالتعامل على خلفية عنصرية مع العرب والمسيحيين في المنطقة، والقيام بارتكاب انتهاكات بحقهم ومنها عمليات تهجير من قراهم، لكنها تُتهم من قبل الكُرد بمحاباة غيرهم على حسابهم، وبارتكاب انتهاكات أشد بحقهم على خلفية حزبية أيديولوجية، وبأن كل ما تهتم به تلك القوات هو تعزيز صفوفها بالمسلحين وخزائنها بالأموال، وبأنها لا تفرق من أجل مصالح قيادتها بين أحد، ويضربون على ذلك مثلاً، سوء الأوضاع المعيشية في مناطق نفوذها، وأزمات خانقة تعيشها مؤخراً، خاصةً في مسألتي الخبز والوقود، في الوقت الذي ترسل فيه" قسد" شاحنات الحبوب وصهاريج الوقود إلى مناطق نظام الأسد، وتتاجر بها مع فصائل المعارضة السورية، في الوقت الذي تدعي فيه معاداتها للجهتين.

إقامة مزيد من معسكرات التجنيد

تمتلك قوات سوريا الديمقراطية عدد من المعسكرات في المنطقة المحيطة بقرية "سويديك"، منها معسكرات خاصة بتدريب الأطفال الكُرد على السلاح، قبل زجهم في المعارك. وفي الوقت الذي تشكل فيه "قوات سوتورو"، وهي شرطة مسيحية آشورية سريانية أحد أكبر مكونات "قسد"، ويشكل العرب النسبة الأكبر من منتسبي تلك القوات، انخفضت نسبة الكُرد فيها بعد هجرتهم الواسعة من المنطقة، لأسباب عديدة منها فراراً من التجنيد القسري، ووقوع خسائر فادحة في صفوف المجندين الكُرد، إبان حرب التحالف الدولي على تنظيم داعش، والتي تقدر بخمسة وعشرين ألف قتيل ومعاق. وإذا كانت "قسد" تلجأ إلى تجنيد الكُرد قسرياً في صفوفها، بالإضافة إلى خطف أطفالهم وتجنيدهم، فإن الجرأة لم تصل بالقائمين على تلك القوات إلى حد تجنيد العرب أو المسيحيين قسرياً، وبقي أطفال الطرفين بعيدين عن عمليات الخطف لغرض التجنيد، عكس ما يجري للكُرد.

وضع المسيحين أفضل، ولكن..

يعترف المرصد الآشوري لحقوق الانسان، بأن: "وضع المسيحيين في مناطق قسد، أفضل بقليل مقارنة بمناطق المعارضة، لكن الانتهاكات بحقهم خفضت نسبتهم إلى 20%، مقارنةً بعام 2011". وكانت إدارة حزب الاتحاد الديمقراطي عملت على فرض منهاجها الدراسي على المدارس المسيحية الخاصة بالقوة، إلا أنها فشلت في ذلك بعد تصدي الكنيسة لها، وأدى فرض الإدارة منهاجها الحزبي غير المعترف على المدارس الواقعة في الأحياء الكردية من مدن المنطقة، إلى هجرة كُردية واسعة من المنطقة، سعياً من الأهالي لإنقاذ مستقبل أطفالهم، من منهاج يقوم على الشحن الإيديولوجي، ولا يحصل من يتخرج من تلك المدارس على شهادات معترف بها، بحيث لا يستطيع استكمال دراسته.