قالت صحيفة “لوموند” الفرنسية، في افتتاحية عددها الورقي لهذا الثلاثاء، إنه بعد مرور أكثر من سبعة أشهر على هجوم 7 أكتوبر، ما زالت الحرب المدوية في غزة وتغذي تنصلاً دولياً وعالمياً، في ظل الخراب غير المسبوق، في حين أن الأهداف التي حددتها إسرائيل ما تزال بعيدة المنال.
وأوضحت “لوموند” أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كان قد وعد بالقضاء على حركة حماس، والإفراج عن المحتجزين الذين يعتمد مصيرهم على مفاوضات لا نهاية لها، ولا يبدو أن أياً من المعسكرين يرغب في نجاحها، وهذا يثير مخاوف كبيرة.
فالقوات الإسرائيلية تهدد رفح، الأمر الذي من شأنه أن يضيف حتما مذبحة جديدة. كما تجد هذه القوات نفسها مضطرة إلى ضرب شمال قطاع غزة مرة أخرى حيث عاد الجناح المسلح لحماس إلى الظهور بعد أشهر على الضربات والتوغلات البرية التي حوّلت تلك المنطقة إلى ساحة خراب على حساب مقتل آلاف الفلسطينيين.
واعتبرت “لوموند” أن هذا الفشل العسكري الإسرائيلي الحاصل، يقترن بمأزق سياسي يتحمل نتنياهو المسؤولية عنه بشكل كبير. فمن خلال الاحتفاظ بالسيطرة على قطاع غزة دون أدنى إشارة إلى الجهة المدنية، فهو في الواقع يخلق الظروف لعودة حماس التي يقول إنه يريد القضاء عليها. وهو بمعارضته لأدنى منظور يأخذ في الاعتبار الحقوق المشروعة للفلسطينيين، يخدم أيضاً تشدد حماس، على حد قول الصحيفة، مضيفة أنه سيكون على نتنياهو تقديم إجابات لأولئك الذين يدعي الدفاع عن قضيتهم.
وتابعت “لوموند” القول إن الفشل العسكري الإسرائيلي اليوم، وما خلّفه من خسائر بشرية مروعة، هو نتيجة للاستراتيجية التي حولت غزة إلى سجن ضخم في الهواء الطلق، وإلى مسرح لحروب متكررة دفعت بها الحرب الحالية إلى ذروتها، وسهّلتها سلبية دولية مُذْنِبة، سواء كان ذلك التسامح في مواجهة الحصار المفروض على غزة، أو الضعف فيما يتعلق بأخطاء الممثلين الرسميين للفلسطينيين، أو الجبن في مواجهة احتلال الضفة الغربية من قبل إسرائيل.
ومضت “لوموند” قائلة إن الحليف الأكثر ثقة لإسرائيل، رئيس الولايات المتحدة، انتهى به الأمر متأخراً إلى تقييم هذا الطريق المسدود. فمن خلال اتخاذ قرار حرمان الجيش الإسرائيلي من بعض الأسلحة الهجومية حتى إشعار آخر إذا أصر على رغبته في مهاجمة رفح، ومن خلال الإعلان عن ذلك، أشار جو بايدن إلى أن الضغط ربما ينجح حيث تفشل الكلمات.
واعتبرت الصحيفة أنه يجب أن نذهب إلى أبعد من ذلك، معتبرة أن حالة الطوارئ تتطلب نقلة نوعية. فإلى جانب إسرائيل، فإن الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وهو ما ترفض الولايات المتحدة القيام به، ولكن كما تتوسل الشخصيات الإسرائيلية وتستعد دول أوروبية جديدة لذلك، لا يمكن إلا أن يسهم في الحد من معاناة الفلسطينيين وحماية إسرائيل من نفسها.