تقصت “القدس العربي” عن حقائق جديدة فيما يتعلق بطرق التهريب عبر منافذ غير رسمية بين سوريا والعراق، من خلال مصادر ميدانية عدة من معابر منطقة البو كمال السورية والقائم العراقية.
وتحدثت المصادر التي أجمعت على رفض الكشف عن هويتها، لدواعٍ امنية، عن وسائل التهريب المعتمدة والبضائع والسلع التي تدخل في نطاق عمليات التهريب، وأهم منافذ التهريب بين البلدين، والجهات التي تسيطر عليها. وحسب مصادر متطابقة، عراقية وسورية، فإن التجارة “غير المشروعة” بالأسلحة والمخدرات هي النشاط الأبرز والأوسع عبر منافذ التهريب “غير الرسمية” والذي يُعد منفذ “جنوب حي السكك” هو المنفذ الأهم.
ويقع المنفذ إلى الجنوب بنحو ثلاثة كيلومترات من “حي السكك “المخصص لموظفي سكك حديد القائم الذي “أصبح شبه خالٍ من هؤلاء الذين نزحوا من المدينة بعد سيطرة تنظيم «الدولة» على مدينة القائم في عام 2014، وعاد قلة منهم فيما يُشغل عناصر الفصائل المسلحة معظم البيوت المهجورة”، وفق أحد المصادر. “حي السكك” الذي تصل عدد المنازل فيه إلى نحو 400 منزل، يقع إلى جوار منفذ القائم الحدودي، ويفصله عن مباني المنفذ جدار إسمنتي مرتفع، بينما يفصله عن الأراضي السورية فقط سور من الأسلاك الشائكة.
وتُدار عمليات التهريب عبر شبكة من “كبار القيادات في بعض الفصائل المسلحة من الجانبين العراقي والسوري، معظمها عراقية، لها تواجد مشترك في المدينتين، البوكمال والقائم، تمثل ميليشيات عناصرها “باتوا يتحدثون اللغة العربية باللهجة السورية” بحسب محليين. ووفق مصدرين، فإن عمليات التهريب “تخضع لإشراف مباشر من أحد كبار الضباط في الفصائل المسلحة، من بغداد، وله مسؤوليات عدة بحكم منصبه، وتحديدًا في مديرية أمن أحد الفصائل المسلحة في المنطقة الخضراء ببغداد.
ويتعاون مع”الجهات التي تدير عمليات التهريب، خاصة المخدرات، بعض من القيادات العشائرية في قضاء القائم، وهم يتولون مهمة ترويجها وتسويقها إلى مدن العراق الأخرى بالتنسيق مع قيادات في الفصائل المسلحة التي تتواجد في عدد من نقاط التفتيش الرئيسية عند مخارج المدينة وعلى الطريق الواصل بين القائم والرمادي وبغداد”، حسب تاجر عراقي يعمل في مجال تجارة المواد الغذائية بين العراق وسوريا.
يقول هذا التاجر لـ”القدس العربي” إنه يدفع للفصائل على “شحنة بيض أو دجاج محملة على شاحنة 2 طن، عمولة ما بين 300 إلى 500 دولار، وهي تجارة غير مسموح بها عبر منفذ القائم الرسمي، لكن الفصائل تسهّل لنا أمر دخولها من سوريا إلى العراق عبر منفذ “السكك”، وأحياناً عبر المنفذ الرسمي في حالات قليلة”.
وإضافة إلى تجارة المخدرات، “تنتعش عبر المنفذ تجارة الأغنام والسلاح”. ويصف مصدر آخر أوضاع سكان مدينة القائم بعد تحريرها من سيطرة تنظيم «الدولة»، بأن المدينة باتت تعاني من وضع اقتصادي خانق تفرضه الفصائل المسلحة التي تسيطر على حركة التجارة مع سوريا أو مع مدن عراقية مثل بغداد والرمادي وأربيل ونينوى، وهي المدن الرئيسية الأربع التي يقوم التجار بتوريد بضائعهم منها”.
إضافة لذلك، فإن الفصائل تفرض رسوماً عالية على أي نشاط تجاري من خلال المكاتب الاقتصادية، وكذلك على التجارة مع سوريا عبر المنفذ الرسمي أو المنافذ غير الرسمية”، أدى ذلك، بحسب المصدر، إلى “هجرة معاكسة لأصحاب رؤوس الأموال والمقاولين بسبب ما يتعرضون له من عمليات ابتزاز مالي من قبل الفصائل”.
وكشف مصدر ثالث، عن أن الفصائل استوردت معدات لإنتاج وتصنيع الحبوب المخدرة حاولت تشغيلها في أحد منازل منطقة حي السكك، لكن حتى الآن لم يتم تشغيله بسبب منشورات وزعها ناشطون من سكان المدينة مرفقة بكتابات على الجدران تهدد الفصائل إذا قامت بتشغيل مصنع المخدرات”.
وحول ما يشاع عن خلافات بين قيادات في الحرس الثوري وقيادات أخرى في الفصائل العراقية والسورية، تحدث لـ”القدس العربي” أحد المصادر من مدينة البوكمال السورية كاشفاً عن “خلافات بين المشرف على الميليشيات في البو كمال القيادي في الحرس الثوري الحاج عسكر من جهة، وقائد الفوج 47 أبو عيسى الحمدان المشهداني من جهة أخرى”.
وتطورت الخلافات، حسب المصدر، بعد مقتل ضابط رفيع في الحرس الثوري نهاية الأسبوع الثالث من شهر ابريل/ نيسان الماضي ويدعى “زهكان ماهد” بغارة نفذتها طائرات مسيرة نقلت وسائل إعلام محلية أنها طائرات إسرائيلية.
ورجح أن “الخلافات تعود إلى ضعف الثقة بين تشكيلات الميليشيات التي يشرف عليها الحاج عسكر الذي بدرت منه إشارات باتهام عناصر من القوة التي يقودها المشهداني بالتواطؤ في تقديم المعلومات التي قادت إلى مقتل زهكان ماهد في منزل قريب من منزل الحاج عسكر في حي الجمعيات بالبو كمال”.
وفي جزء آخر من الخلافات، وفق نفس المصدر، “هناك خلافات بين عناصر من كتائب مسلحة في العراق من جهة، وآخرين من عصائب وكتائب من جهة أخرى حول النسب التي يحصل عليها كل فصيل من إيرادات معابر التهريب خاصة معبر “السكك” جنوب منفذ القائم، وتدخل الحاج عسكر إلى جانب كتائب حزب في العراق ضد جماعة أخرى.