قمرٌ من جهة هاشم.. قصيدة الشّاعرة السّورية لميس الرحبي

السوري اليوم _ أدب
الأحد, 30 يناير - 2022
الشاعرة السورية لميس الرحبي
الشاعرة السورية لميس الرحبي

قمر من جهة هاشم، قصيدةُ الشّاعرة السّورية لميس الرّحبي، التي فازت بالمركز الثالث في مسابقة البردة العالمية، في دورتها 16، الصّادرة عن وزارة الثقافة والشباب في دولة الإمارات، وتهدف الجائزة إلى الاحتفاء بالفنون الإسلامية، كمدخل للتواصل الثقافي مع العالم، وكجزء من التراث الإنساني، والشّاعرة "الرحبي" تشغل منصب المشرفة العامة برابطة الشعراء العرب، وعضو مجلس إدارة في الجمعية الدولية للشعراء العرب في تركيا.

 قَرِيباً مِنَ الماءِ الذي يَتَبَتَّلُ

 على بُعْدِ صَحْراءَينِ واللَّيلُ يَهْطُلُ


وكانتْ تُشِيرُ السّاعةُ البِكْرُ حينَها

 لِإِلّا حياةً، كان للموتِ أرْجُلُ


وقَفْتُ كَبَلْقيسٍ وصَرْحٌ مُمَرَّدٌ

 أَمامي وفَوقي هُدْهُدٌ يَتَأَوَّلُ


على البابِ حُرّاسٌ، على البَيْتِ هَالَةٌ

 مِنَ الضَّوءِ، فوقَ الضَّوءِ جِبْريلُ يُشْعِلُ


مَجازٌ حَقيقيٌّ، سَماواتُ رَهْبَةٍ

 صَلاةٌ بِلا شَكْلٍ، هُنا تَتَشَكّلُ


هنالِكَ شيءٌ ما، على كُلِّ ما بِنا

 مِنَ البَرْدِ، كانَتْ نارُهُ تَتَغَلْغَلُ


قرأتُ خُطَى نَعْلَيهِ حَتّى تَوَسَّعَتْ

 مَدارِكُ حِسّي، واستفاضَ التّأمُّلُ


وحتَّى حَسِبْتُ الرَّمْلَ ماءً ولُجّةً

 لِيَكْشِفَ عن ساقَيْهِ شِعْري المُحَجَّلُ


وكانَتْ مِسَافاتٌ مِنَ التِّيْهِ قَبْلَ أَنْ

 يَمُرَّ خُفافاً، واخْضِرارٌ مُؤَجَّلُ


وأصْغَيْتُ، كانَتْ تَمْتَماتٌ تَقولُ لي

 هُنا خائِفٌ يَشْكُو وأُمٌّ تُزَمِّلُ


وخَيْطٌ مِنَ النُّورِ الرَّفيعِ وراءَنا

 إلى حَيثُ لم يَقْرأ وأَقْراهُ مُرْسَلُ


وكان يَشُقُّ البابَ عَن وَجْهِ أُمِّنَا

 ضِيَاءٌ وعَن وَجْهِ الحَبيبِ تَهَلُّلُ


تَفَصَّدَ عَن مِثْلِ الجُمانِ جَبِينُهُ

 ويَجْري على الخَدَّينِ ماسٌ وسَلْسَلُ


وكانتْ تُجِيبُ الأرْضَ عن كُلِّ رِعْشَةٍ

 فَضاءاتُ تَسْبيحٍ وما زِلْتُ أَسْألُ 


لماذا تَهُزُّ الكَونَ رِعْشَةُ قارِئٍ

 ويَهْدأُ ذاتُ الكَونِ حِينَ يُرَتِّلُ؟


وما السِّرُّ في النُّورِ الذي كانَ صاعِداً؟

 وما السِّرُّ في النُّور الذي كان يَنْزِلُ؟


وما الغَارُ؟ ما مَعْنَى حُضورُكَ ناقِصٌ؟

 وما الغارُ؟ ما مَعْنى حُضورُكَ يُكْمِلُ؟


ومَنْ شَقَّ صَدْرَ الطِّفْلِ حتَّى تَبَدَّلَتْ

 مَلامِحُ صَحْراءٍ ومَرَّ قَرَنْفُلُ؟


وقالَتْ لَنا الأخْبارُ: كانَتْ غَمامَةٌ

 فَمَنْ مِنْهُما كانَ الذي يَتَظَلّلُ؟


ومَنْ مَرَّ بِالتّاريخِ يا أُمَّ مَعْبَدٍ

 فأيْنَعَ ضَرْعُ الشَّاةِ، والضَّرْعُ مُمْحِلُ؟


ومَنْ عَلَّمَ الأخلاقَ سِرَّ بَقائِها

 وأشْبَعَ مِنْ لا شيءَ، والنّاسُ هُزَّلُ؟


سَيَأْكُلُ مِنْ خُبْزِ التَّنانيرِ عَالَمٌ

 وما كانَ قَبْلَ ابْنِ الذَّبيحَينِ يَأْكُلُ


ويَمْشي إلى أعْلى وأعْلى ويَهْتَدي

 بِما رسَمَتْ فَوْقَ المَفَازاتِ (دُلْدُلُ)


على حينِ غارٍ مِنْهُ ناداهُ مِنْ عَلٍ

 هَلُمَّ، فَيا رَبّاهُ ما ذلكَ العَلُ؟


وقامَ يُنَقّي الرِّيْحَ مِنْ كُلِّ عَارضٍ

 فَأَمْطَرَتِ الدُّنيا هُدىً فَتَبَلَّلُوا


يَتِيمٌ بِلا ظَهْرٍ ويَكْفُلُ أُمَّةً

 وأَقْدَسُ ما يُروى: يَتِيْمٌ ويَكْفُلُ




الوسوم :