جعلت مخلّفات عشر سنوات من الحرب عودة الرُعاة ومواشيهم إلى البادية مهمة صعبة إن لم تكن مستحيلة. فعدا عن خطر الألغام التي حصدت حياة المئات خلال سنوات النزاع، جذبت البادية عناصر تنظيم «الدولة الإسلامية» الذين انكفأوا إليها خصوصاً بعد القضاء على «دولة الخلافة» قبل عامين. ووجد هؤلاء في البادية ملاذاً آمناً ينطلقون منه لشنّ هجمات موجعة ضد خصومهم رغم غارات سورية وأخرى روسية تستهدف تحرّكاتهم دورياً.
وكانت البادية وحدها تؤمّن سبعين في المئة من احتياجات الثروة الحيوانية من الغذاء، وفق ما يقول مدير الإنتاج الحيواني في وزارة الزراعة لكن مع تراجع مساحات الرعي، بات مربو الماشية مضطرين إلى شراء الأعلاف المستوردة، التي ارتفعت أسعارها تدريجياً على وقع الأزمة الاقتصادية وتدهور سعر صرف الليرة.
قبل الحرب، كان مربّو الأغنام يتفاخرون بأعداد رؤوس الماشية التي يملكونها، وكانت تكفي حاجة السوق المحلية، كما كان يُصدّر بعضها إلى الخارج. لكنّ سنوات الحرب قضت على ما يقارب نصف الثروة الحيوانية، إذ خسرت سوريا وفق تقديرات منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة «فاو)» ما بين ثلاثين إلى 45 في المئة من ثروتها الحيوانية.
تراجع عدد رؤوس الأغنام والأبقار إلى النصف تقريباً
وانخفض عدد رؤوس الأغنام والأبقار إلى النصف تقريباً، مقارنة مع 15 مليون رأس غنم وعشرة ملايين رأس بقر العام 2010،. ولم تبق مزارع ومنشآت تعنى بتربية الماشية، بمنأى عن تداعيات الحرب، إذ تناقص عددها إلى النصف تقريباً، حسب وزارة الزراعة. وتعمل منظمة «الفاو» حالياً على دعم المربين عبر «تأمين كميات إضافية ومصادر بديلة عن العلف، وزيادة أعداد الحيوانات من خلال إجراء عمليات تلقيح صناعي وتوفير خدمات بيطرية».
ويقول ممثل المنظمة في سوريا، مايك روبسون، أن تأمين العلف هو «الحل الحقيقي لضمان البديل عن الرعي الطبيعي». وتعمل المنظمة، كما يشرح، على زيادة إنتاج الأعلاف في الداخل. ويوضح أنّ «بعض المناطق بدأت العودة إلى الإنتاج، وساعدنا الناس في تأمين مياه الري والوقود لاستخدام المضخات».