كشفت صحيفة "حرييت" التركية عن رسالة “واضحة ومباشرة” وجهها زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان إلى قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، دعاهم فيها إلى الاندماج ضمن مؤسسات الجيش السوري، في خطوة وصفها مراقبون بأنها تطور حساس قد يعيد تشكيل خريطة القوى في شمال شرقي سوريا.
وبحسب الصحيفة، جاءت هذه الرسالة خلال لقاء جرى مؤخراً في سجن إمرالي بين أوجلان وعدد من النواب الأتراك، حيث أبدى الأخير اهتمامه بأن تكون "قسد" جزءاً من “سوريا الجديدة”. وأضافت الصحيفة أن اللقاء اتسم بـ"الإيجابية"، غير أن الرسالة الأبرز تركزت حول مستقبل العلاقة بين "قسد" ودمشق، خاصة بعد تعثر تنفيذ اتفاق 10 آذار/مارس الموقّع بين الطرفين.
ورغم أن الدعوة ليست جديدة تماماً، إذ سبق لأوجلان أن ألمح في 27 شباط/فبراير إلى توجّه مشابه، إلا أن تأكيد أحد أعضاء وفد إمرالي بأن الدعوة "شاملة وتشمل قسد" أعاد فتح ملف العلاقة المعقّدة بين قيادة قسد والأجنحة السياسية والعسكرية المرتبطة بحزب العمال الكردستاني.
وفي ظل هذا الحراك، ذكّرت "حرييت"بموقف الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب خلال اجتماعه مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، حين قال: "لا تقدموا لي شيئاً ضد تركيا، بل حلولاً"، في إشارة إلى ضرورة الوصول إلى صيغة تُنهي التوترات المتعلقة بالملف الكردي. كما نقلت الصحيفة عن قائد القيادة المركزية الأميركية الأدميرال براد كوبر قوله لـ"قسد": "لن نبقى هنا إلى الأبد"، في ما رأت فيه الصحيفة "فرصة سياسية نادرة" بحكم وجود حكومة سورية "منفتحة على تركيا".
في المقابل، ورغم حساسية دعوة أوجلان للحوار ونزع السلاح، سارع قائد "قسد" مظلوم عبدي إلى التأكيد بأن ما قاله أوجلان "يخص حزب العمال فقط ولا علاقة له بسوريا".
إلا أن هذا النفي، رغم وضوحه، أثار تساؤلات عديدة:
كيف يمكن لعبدي أن ينفي صلته السياسية برجل يقول إنه يرسل له رسائل "إيجابية" وذات أهمية استراتيجية؟
وهل يستطيع فعلاً الفصل بين "قسد" وحزب العمال، بينما التضارب في التصريحات يعكس علاقة لا تزال غير محسومة؟
هل سيلتزم مظلوم عبدي؟
ورغم الترحيب الذي عبّر عنه عبدي بوصف إعلان أوجلان "تاريخياً"، إلا أن مواقف قيادة "قسد" المتقلبة أثارت شكوكاً بين الأهالي والفاعلين السياسيين. فالتجارب السابقة أظهرتوفق تعليقات محليةأن مواقف قسد سياسية مرنة إلى حد يهدد استقرار أي اتفاق طويل المدى. والسؤال الذي يفرض نفسه هنا:
إذا تعارضت خيارات دمشق وواشنطن، فأي الطرفين سيتبعه عبدي؟
تحديات الثقة وعودة الأهالي
وفيما لو تحقق السيناريو الذي يدعو إليه أوجلان—أي اندماج "قسد" ضمن الجيش السوري—تطرح تساؤلات مقلقة حول مستقبل المناطق التي تسيطر عليها "قسد"، خاصة مع تراكم تقارير حقوقية عن انتهاكات طالت السكان.
ويخشى كثير من الأهالي، خصوصاً من نزحوا عن قراهم، من أن الاندماج الشكلي قد لا يضمن تغيير السلوك الأمني أو فتح الطريق لعودة آمنة، ما لم ترافق العملية إجراءات واضحة للمحاسبة وردّ الحقوق.
كما يبرز التساؤل الأكبر:
هل يكفي اتفاق سياسي لطمأنة عائلات عانت من الاعتقال القسري والتجنيد الإجباري والمصادرة؟
أم أن ملف الانتهاكات سيبقى عقبة تمنع أي عودة حقيقية مهما تبدّلت اليافطات العسكرية؟