أحمد سلمان الأخرس، طالب كلية الطب البشري، كأحد أوائل المبادرين إلى زراعة الزعفران في ريف حلب، حقق نتائج لافتة خلال السنوات الثلاث الأخيرة.
فكرته بدأت في زمن الحصار الذي فرضه نظام الأسد المخلوع… وتحوّلت إلى مشروع بعد 8 ديسمبر 2024.
يقول الأخرس إن فكرة زراعة الزعفران ليست جديدة بالنسبة له، لكنها ظلت مجرّد حلم لسنوات طويلة بسبب ظروف الحرب والنزوح وغياب الأراضي المتاحة للزراعة. "كانت الفكرة جاهزة منذ زمن، لكن لم نتمكن من تنفيذها بسبب التهجير . بعد تحسّن الأوضاع تمكنا أخيرًا من البدء بتجربة صغيرة… والحمد لله كانت النتائج ممتازة"، يقول الشاب أحمد:
الزعفران، الذي يُعرف عالميًا بـ"الذهب الأحمر"، يُعتبر واحدًا من أغلى التوابل في العالم، وتعتمد عليه دول كاملة في اقتصادها كإيران وإسبانيا والمغرب.
وتشهد سوريا حديثًا دخول هذا النوع من الزراعة إلى عدة مناطق، لكن انتشارها لا يزال محدودًا جدًا، خصوصًا في محافظة حلب حيث تبلغ الأراضي المزروعة بالزعفران نسبة قليلة للغاية.
فوائد غذائية وطبية واسعة
إلى جانب قيمته الاقتصادية العالية، يتمتع الزعفران بفوائد عديدة، فهو يُستخدم كمنكّه أساسي للأطعمة
وفي الطب التقليدي لتهدئة الأعصاب وتحسين المزاج كما يستخدم كمضاد أكسدة قوي في صناعة الأدوية والمستحضرات الطبية
هذه الميزات جعلت منه محصولًا استراتيجيًا في الدول التي تعتمد عليه، الأمر الذي يفتح الباب أمام إمكانية أن يصبح عنصرًا مهمًا في الاقتصاد الزراعي السوري مستقبلًا.
تحديات كبيرة… وأكبرها الحاجة إلى مساحات واسعة
رغم نجاح تجربة الشاب أحمد إلا أنه يشير إلى أن زراعة الزعفران ليست سهلة، إذ يحتاج إنتاج كيلوغرام واحد فقط من الزعفران إلى 150 ألف بتلة من أزهاره، وهو ما يتطلّب مساحات واسعة وأيدٍ عاملة كثيرة.
ومع ذلك، يصرّ الشاب على مواصلة التوسع:
"بدأت الزراعة في إدلب المحررة وحققت نجاحًا كبيرًا، ثم انتقلنا العام الماضي إلى مارع، والنتائج أيضًا كانت ممتازة.
اليوم بدأنا توزيع بصيلات الزعفران على مناطق أخرى مثل حمص وحماة ودرعا والسويداء".
هل يمكن للزعفران أن ينعش الاقتصاد السوري؟
يرى مراقبون أن نجاح تجارب الزراعة الحديثة، مثل الزعفران، قد يفتح بابًا جديدًا أمام اقتصاد محلي يعاني من شح الموارد. فالزعفران محصول ذو قيمة عالية جدًا في الأسواق العالمية، وأسعاره مقارنة بتكلفة زراعته تجعل منه فرصة ذهبية للمزارعين، خاصة في المناطق التي لا تتوفر فيها موارد مائية كبيرة.
ويعتقد الأخرس أن مستقبل الزعفران في سوريا واعد:
"إذا استطعنا التوسع على نطاق أكبر، فبإمكان هذه الزراعة أن تحقق دخلًا مهمًا لسوريا وأن تصبح مصدرًا اقتصاديًا حقيقيًا… نحن اليوم في مرحلة إثبات النجاح".
شاب بطموح زراعي… ورؤية تتجاوز حدود المهنة
يؤمن طالب الطب البشري أحمد سلمان الأخرس بأن الزراعة جزء لا يتجزأ من إعادة بناء الحياة في الشمال السوري. فهو يرى أن الاستثمار في الأرض هو خطوة باتجاه تعافي المجتمع من آثار الحرب.