مجلس الأمن يصوت لصحالح الحكم الذاتي في الصحراء الغربية

السبت, 1 نوفمبر - 2025
مجلس الأمن
مجلس الأمن


اعتمد مجلس الأمن الدولي يوم الجمعة قرارا ينص على أن منح الصحراء الغربية حكما ذاتيا حقيقيا تحت السيادة المغربية “قد يكون الحل الأمثل” للصراع الدائر منذ 50 عاما بين المغرب وجبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر.
وتُعد الصحراء الغربية التي تعادل تقريبا مساحة بريطانيا مسرحا لأطول نزاع إقليمي في أفريقيا منذ انسحاب إسبانيا منها في عام 1975.
ودعا مجلس الأمن، في نص صاغته الولايات المتحدة، جميع الأطراف إلى الانخراط في مفاوضات بناء على خطة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب لأول مرة إلى الأمم المتحدة عام 2007.
ويعتبر المغرب الصحراء الغربية جزءا من أراضيه، بينما تسعى جبهة البوليساريو إلى إقامة دولة مستقلة هناك تحت اسم الجمهورية الصحراوية.
وقال السفير الأمريكي لدى الأمم المتحدة مايك والتز في كلمة أمام المجلس بعد التصويت “نحث جميع الأطراف على استغلال الأسابيع المقبلة للجلوس إلى طاولة المفاوضات والانخراط في مناقشات جادة. نعتقد أن من الممكن تحقيق السلام الإقليمي هذا العام. وسنبذل قصارى جهدنا لتسهيل التقدم”.
وأحجمت روسيا والصين وباكستان عن التصويت، بينما لم تصوت الجزائر. وصوت أعضاء المجلس الأحد عشر المتبقون لصالح القرار، الذي جدد أيضا ولاية قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في الصحراء الغربية لمدة عام واحد.
وينص مقترح الحكم الذاتي المغربي على إنشاء سلطة تشريعية وتنفيذية وقضائية محلية للصحراء الغربية ينتخبها سكانها، بينما تحتفظ الرباط بالسلطة على الدفاع والشؤون الخارجية والشؤون الدينية. وتريد جبهة البوليساريو، بدلا من ذلك، إجراء استفتاء مع خيار الاستقلال.
وقال سفير الجزائر لدى الأمم المتحدة عمار بن جامع للمجلس بعد التصويت “لا يمكن، ولا يجب، أن يكون القرار النهائي بشأن المستقبل بيد أحد سوى الشعب الواقع تحت السيطرة الاستعمارية. هذا النص يتجاهل مقترحات جبهة البوليساريو”.
وقال ممثل جبهة البوليساريو سيدي محمد عمر إن القرار لا يعني أي اعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية.
وأصدرت جبهة البوليساريو بيانا لاحقا أكدت فيه أنها لن تكون طرفا في أي عملية سياسية أو مفاوضات تقوم على أي مقترحات تهدف إلى إضفاء الشرعية على “الاحتلال العسكري المغربي غير الشرعي للصحراء الغربية”
العاهل المغربي يوجه الدعوة إلى الرئيس الجزائري من أجل “حوار أخوي صادق”
وجّه العاهل المغربي، محمد السادس، الدعوة إلى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، “لحوار أخوي صادق، بين المغرب والجزائر، من أجل تجاوز الخلافات وبناء علاقات جديدة تقوم على الثقة وروابط الأخوة وحسن الجوار”. كما جدد التزامه بمواصلة العمل، من أجل إحياء الاتحاد المغاربي، على أساس الاحترام المتبادل، والتعاون والتكامل، بين دوله الخمس.
جاء ذلك في الخطاب الذي ألقاه ملك المغرب بمناسبة مصادقة مجلس الأمن الدولي، عشية الجمعة، على اقتراح منح الصحراء الغربية حكما ذاتيا في إطار السيادة المغربية.
كما دعا العاهل المغربي سكان مخيمات تندوف، الخاضعة لمسؤولية جبهة البوليساريو من أجل الالتحاق بالمغرب، حيث قال “نوجّه نداء صادقا لإخواننا في مخيمات تندوف، لاغتنام هذه الفرصة التاريخية، لجمع الشمل مع أهلهم، وما يتيحه الحكم الذاتي، للمساهمة في تدبير شؤونهم المحلية، وفي تنمية وطنهم، وبناء مستقبلهم، في إطار المغرب الموحد”.
وأضاف قائلا “بصفتي ملك البلاد، الضامن لحقوق وحريات المواطنين، أؤكد أن جميع المغاربة سواسية، لا فرق بين العائدين من مخيمات تندوف، وبين إخوانهم داخل أرض الوطن”.
واستهل الملك محمد السادس خطابه بالقول “بعد خمسين سنة من التضحيات، ها نحن نبدأ، بعون الله وتوفيقه، فتحا جديدا، في مسار ترسيخ مغربية الصحراء، والطي النهائي لهذا النزاع المفتعل، في إطار حلّ توافقي، على أساس مبادرة الحكم الذاتي. وإنه من دواعي الاعتزاز، أن يتزامن هذا التحول التاريخي، مع تخليد الذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء، والذكرى السبعين لاستقلال المغرب”. وأكد أنه “سعيد بأن أتقاسم مع الشعب المغربي، اليوم، مشاعر الارتياح، لمضمون القرار الأخير لمجلس الأمن”.
وتابع “إننا نعيش مرحلة فاصلة، ومنعطفا حاسما، في تاريخ المغرب الحديث. فهناك ما قبل 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2025، وهناك ما بعده. لقد حان وقت المغرب الموحد، من طنجة إلى لكويرة، الذي لن يتطاول أحد على حقوقه، وعلى حدوده التاريخية”.
واستحضر ما قاله في خطاب سابق، بـ”أننا انتقلنا في قضية وحدتنا الترابية، من مرحلة التدبير إلى مرحلة التغيير”، ليلفت الانتباه إلى أن الدينامية التي أطلقها المغرب، في السنوات الأخيرة، بدأت تعطي ثمارها على جميع الأصعدة، موضحا أن “ثلثي الدول في الأمم المتحدة، أصبحت تعتبر مبادرة الحكم الذاتي، هي الإطار الوحيد لحلّ هذا النزاع”.
كما أن الاعتراف بالسيادة الاقتصادية للمملكة المغربية على الأقاليم الجنوبية ـ يضيف العاهل محمد السادس ـ عرف تزايدا كبيرا، بعد قرارات القوى الاقتصادية الكبرى، كالولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا وروسيا وإسبانيا والاتحاد الأوروبي، بتشجيع الاستثمارات والمبادلات التجارية مع هذه الأقاليم، وهو ما يؤهلها لتصبح قطبا للتنمية والاستقرار، ومحورا اقتصاديا بمحيطها الجهوي، بما في ذلك منطقة الساحل والصحراء.
“واليوم ـ يقول الملك محمد السادس ـ ندخل، والحمد لله، مرحلة الحسم على المستوى الأممي، حيث حدد قرار مجلس الأمن المبادئ والمرتكزات، الكفيلة بإيجاد حلّ سياسي نهائي لهذا النزاع، في إطار حقوق المغرب المشروعة”.
وأعلن أنه في سياق هذا القرار الأممي، سيقوم المغرب بتحيين وتفصيل مبادرة الحكم الذاتي، وسيقدّمها للأمم المتحدة، لتشكل الأساس الوحيد للتفاوض، باعتبارها الحلّ الواقعي والقابل للتطبيق.
وأثنى العاهل المغربي على جهود جميع الدول “التي أسهمت في هذا التغيير، بمواقفها البناءة، ومساعيها الدؤوبة، في سبيل نصرة الحق والشرعية”، وخصّ بالذكر الولايات المتحدة الأمريكية، ورئيسها دونالد ترامب، الذي مكنت جهوده من فتح الطريق للوصول إلى حلّ نهائي لهذا النزاع.
كما أثنى على أصدقاء المغرب في بريطانيا وإسبانيا، وخاصة فرنسا، على جهودهم من أجل نجاح هذا المسار السلمي، دون أن ينسى كل الدول العربية والأفريقية “الشقيقة” التي ما فتئت تعبّر عن دعمها، الدائم وغير المشروط، لمغربية الصحراء، وكذا مختلف الدول عبر العالم، التي تدعم مبادرة الحكم الذاتي.
وأوضح أنه “رغم التطورات الإيجابية التي تعرفها قضية وحدتنا الترابية، يبقى المغرب حريصا على إيجاد حلّ لا غالب فيه ولا مغلوب، يحفظ ماء وجه جميع الأطراف. فالمغرب لا يعتبر هذه التحولات انتصارا، ولا يستغلها لتأجيج الصراع والخلافات”.
ثم انتقل إلى الحديث عن التطورات التي تشهدها منطقة الصحراء الغربية، قائلا “إن ما تعرفه أقاليمنا الجنوبية من تنمية شاملة وأمن واستقرار، هو بفضل تضحيات جميع المغاربة”، معبّرا عن اعتزازه بسكان تلك الأقاليم المتمسكين بوحدة البلاد، ومشيدا أيضا بالجهود الدؤوبة التي تبذلها الدبلوماسية الرسمية والحزبية والبرلمانية، ومختلف المؤسسات الوطنية، من أجل الطي النهائي لملف الصحراء.
وأثنى العاهل المغربي أخيرا على التضحيات الجسام التي قدّمها الجيش المغربي والقوات الأمنية بكل مكوناتها، وعائلاتهم بمختلف مناطق البلاد، طيلة خمسين سنة الماضية، “في سبيل الدفاع عن وحدة الوطن، والحفاظ على أمنه واستقراره”.
وما إن أعلن عن قرار مجلس الأمن الدولي حول الحكم الذاتي في إطار السيادة المغربية، حتى شهدت بعض مدن الصحراء احتفالات عارمة، لا سيما في العيون والداخلة والسمارة، علاوة على مجموعة من المدن المغربية الأخرى.