أصدر الرئيس السوري أحمد الشرع المرسوم رقم 148 لعام 2025، القاضي بتشكيل المجلس الأعلى للتربية والتعليم، في خطوة وصفت بأنها محطة مفصلية لإعادة بناء المنظومة التعليمية السورية على أسس حديثة تستجيب لمتطلبات التنمية الوطنية والتحولات العالمية.
قراءة في القرار
يرى مراقبون أن صدور هذا المرسوم يأتي في إطار رؤية الرئيس الشرع لإعادة ترتيب الأولويات الوطنية بعد التحولات السياسية الكبرى التي شهدتها البلاد. فالتعليم – بما يحمله من بعد تنموي وثقافي – يشكّل البوابة الأساسية لترسيخ الجمهورية الثانية، وتعزيز قدرة المجتمع السوري على النهوض من آثار الحرب، والانخراط في اقتصاد عالمي يقوم على المعرفة والابتكار.
ومن خلال تشكيل المجلس برئاسته المباشرة أو من يفوضه، أراد الرئيس أن يوجه رسالة واضحة مفادها أن التعليم قضية سيادية عليا، وليست مجرد شأن وزاري تقني. إدراج وزراء التربية والتعليم العالي والثقافة والأوقاف إلى جانب خبراء تربويين وقانونيين يعكس رغبة في توحيد المرجعيات وضمان انسجام الهوية الوطنية والقيم الثقافية مع حاجات سوق العمل والتطور العلمي.
دلالات القرار
ويُفهم من نصوص المرسوم أن الرئيس الشرع يفكر على المدى البعيد في:
_ إعادة الثقة بالنظام التعليمي بعد سنوات من التراجع والتشتت، عبر توحيد السياسات وربطها برؤية وطنية شاملة.
_ تكييف المناهج مع التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي والاقتصاد المعرفي، بما يتيح للأجيال الجديدة أدوات حقيقية للمنافسة.
_ تخفيف الفجوة بين مخرجات الجامعات واحتياجات سوق العمل، وهو ملف لطالما مثّل تحدياً مزمنًا أمام الاقتصاد السوري.
_ تحصين الهوية الوطنية عبر محتوى تربوي يعكس قيم المجتمع السوري وتاريخه، مع الانفتاح على التجارب العالمية.
_ تعزيز مكانة الشهادة السورية إقليمياً ودولياً، بما يفتح آفاقاً أوسع أمام الشباب للدراسة والعمل والتعاون العلمي.
ومن المتوقع ان تكون الفوائد على المدى البعيد
من شأن المجلس أن يحول التعليم إلى قاطرة للتنمية المستدامة، حيث يتوقع أن يسهم في:
*تحسين جودة الخريجين وزيادة تنافسيتهم إقليمياً.
*خلق بيئة تعليمية تشجع على الابتكار وريادة الأعمال.
*جذب استثمارات في قطاع البحث العلمي والتكنولوجيا.
*دعم الشراكات مع المؤسسات التعليمية الإقليمية والدولية.
*ترسيخ الثقة المجتمعية بالمؤسسات الوطنية من خلال إشراك الخبراء وتبنّي الشفافية والمحاسبة.
ويمكننا ان نقول إنإصدار هذا المرسوم لا يمكن قراءته فقط كإجراء إداري، بل كجزء من رؤية استراتيجية للرئيس الشرع لإعادة صياغة العقد الاجتماعي الجديد عبر التعليم. فكما كان الاقتصاد محور الدورة الأخيرة لمعرض دمشق الدولي، يبدو أن المرحلة المقبلة ستجعل من التعليم حجر الأساس لبناء سوريا الحديثة، بقدرته على إنتاج جيل مؤهل وقادر على حمل مشروع الدولة نحو المستقبل