"الكحل العربي" يدخل سجلّ اليونسكو: إرث جمالي عابر للقرون من البادية السورية إلى العالم

بثينة الخليل
السبت, 13 ديسمبر - 2025

أُدرج عنصر «الكحل العربي» رسمياً على القائمة التمثيلية للتراث الثقافي اللامادي للإنسانية في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، في إنجاز ثقافي عربي جديد أُعلن عنه اليوم الجمعة 12 كانون الأول، ضمن ملف تراثي عربي مشترك قادته سوريا، بمشاركة كل من العراق، والأردن، وليبيا، وسلطنة عُمان، وفلسطين، والسعودية، وتونس، والإمارات.


ويُعد هذا الإدراج العنصر التراثي السوري التاسع المسجّل على القوائم الدولية للتراث اللامادي، وثاني عنصر يُدرج خلال العام الجاري بعد تسجيل «البشت» (البردة الرجالية التقليدية) قبل أيام، في مؤشر على تصاعد الاهتمام الرسمي بتوثيق عناصر التراث وحمايتها.


وفي تعليق له عبر منصة «إكس»، اعتبر وزير الثقافة محمد ياسين الصالح أن تسجيل الكحل العربي يأتي في سياق أوسع من الحضور الثقافي والدبلوماسي، مؤكداً أن «الهوية الثقافية تمثل أحد أعمدة السيادة الوطنية، وأن سوريا تعيد تقديم رموزها التراثية كجزء من قوتها الناعمة المتجذرة في التاريخ».



ويُعد الكحل من أقدم مستحضرات التجميل التي عرفتها المنطقة العربية، إذ تشير المصادر التاريخية والأثرية إلى استخدامه منذ آلاف السنين في بلاد الشام وبلاد الرافدين وشبه الجزيرة العربية، ليس فقط لأغراض الزينة، بل أيضاً لأسباب صحية ووقائية، أبرزها حماية العين من وهج الشمس والرمال والالتهابات.


وفي البيئة البدوية السورية، يحتل الكحل مكانة خاصة تتجاوز كونه أداة تجميل. فالبدو اعتادوا الاكتحال بالكحل العربي المصنوع تقليدياً من حجر الإثمد، ويُنظر إليه كرمز للفروسية والرجولة كما للجمال والوقار. كما جرت العادة على تكحيل المولود الجديد بعد أيام من ولادته، اعتقاداً بفوائده الصحية وتقوية النظر، إضافة إلى دلالاته الرمزية المرتبطة بالحماية من العين والحسد، وهي ممارسات ما زالت حاضرة في العديد من المجتمعات البدوية حتى اليوم.


تراث حيّ وهوية متوارثة

ويؤكد خبراء التراث أن إدراج الكحل العربي على قائمة اليونسكو لا يقتصر على الاعتراف بمادة تقليدية، بل يشمل المعارف والطقوس وأساليب التحضير والاستخدام المرتبطة به، بوصفه تراثاً حيّاً انتقل شفهياً وعملياً عبر الأجيال.


ويُسهم هذا التسجيل في تعزيز الوعي العالمي بقيمة الكحل العربي بوصفه جزءاً أصيلاً من الذاكرة الثقافية العربية، وشاهداً على عمق الحضارة في المنطقة، ودور الممارسات اليومية البسيطة في تشكيل الهوية وصون التراث الإنساني المشترك.