تستعد مدينة المعارض في ريف دمشق لافتتاح فعاليات معرض دمشق الدولي بدورته الثانية والستين، والمقرر انطلاقها في 27 أغسطس الجاري وحتى 5 سبتمبر المقبل، بمشاركة واسعة من الشركات المحلية والعربية والأجنبية. ويُعتبر المعرض، الذي يُعد من أقدم وأكبر الفعاليات الاقتصادية في المنطقة، حدثاً استثنائياً هذا العام لما يحمله من رمزية سياسية واقتصادية كبرى، كونه الأول بعد التحرير وما يرافقه من عودة سورية إلى واجهة المشهد الإقليمي والدولي.
مشاركة واسعة وتنظيم متكامل
بحسب المؤسسة العامة للمعارض والأسواق الدولية، فقد بلغت نسبة إنجاز التحضيرات بين 70 و80%، حيث جرى تجهيز الأجنحة وصيانة البنية التحتية وتنظيم المساحات الداخلية والخارجية لتلبية احتياجات المشاركين. ويشارك في هذه الدورة نحو 800 شركة، بينها 40 شركة أجنبية و70 شركة عربية، إضافة إلى شركات مشتركة ذات طابع دولي. كما تأكدت مشاركات من أكثر من 20 دولة من مختلف أنحاء العالم.
وقد خُصّصت قطاعات متنوعة تشمل الغذاء، الصناعة، الطاقة، الزراعة، التكنولوجيا، وغيرها، مع مساحة مهمة للقاءات الاستثمارية الموجهة نحو ملفات إعادة الإعمار والتنمية الاقتصادية.
معرض بحجم الوطن
في كلمته خلال المؤتمر الصحافي الخاص بإطلاق الدورة، وصف المدير العام للمؤسسة السورية للمعارض، محمد حمزة، الحدث بأنه "تاريخي وعريق"، مؤكداً أن المعرض هذه المرة يحمل طابعاً وطنياً خاصاً لأنه يقام تحت رعاية الرئيس أحمد الشرع، ويُنظر إليه كبوابة لعودة سورية الاقتصادية. وأوضح حمزة أن مدينة المعارض تمتد على مساحة 1.2 مليون متر مربع، تضم 70 ألف متر مربع من الأجنحة المبنية و65 ألف متر مربع من المساحات المكشوفة، إضافة إلى مراكز صحافية وتجارية وخدمات لوجستية متكاملة.
وأكد حمزة أن الجناح السعودي سيكون ضيف شرف هذه الدورة، حيث يفتتح رسمياً بحضور وفد رفيع المستوى، في خطوة تعكس عمق العلاقات الأخوية مع الدول العربية وتفتح آفاقاً جديدة للتعاون المشترك.
منصة للتبادل التجاري والثقافي
من جانبه، شدد وزير الثقافة محمد ياسين الصالح على أن إطلاق فعاليات المعرض "رسالة حضارية تقول إن الشعب السوري يعرف كيف يبني ويشارك العالم إرثه ورؤيته"، معتبراً أن الحدث يفتح الباب أمام تبادل ثقافي وتجاري واسع.
أما وزير الاقتصاد والصناعة محمد نضال الشعار، فقد أكد أن سورية اليوم "لا تعيد ما تهدّم فقط، بل تنطلق من مقومات حضارية راسخة"، مضيفاً أن البلاد باتت تفتح أبوابها للاستثمارات، وتسن قوانين جديدة جاذبة، في وقت بدأ فيه القطاع الصناعي بالانتعاش في المناطق الصناعية. وانتقد الوزير المرحلة السابقة معتبراً أن "النظام البائد حوّل ثروات البلاد إلى ممتلكات خاصة"، مشدداً على أن سورية الجديدة تُبنى على الشراكة والإنتاج لا على الولاء.
سورية الجديدة: اقتصاد منفتح ومستقبل طموح
يحمل معرض دمشق الدولي في دورته الـ62 أكثر من مجرد بعد اقتصادي، فهو يُمثّل إعلاناً عن عودة سورية إلى الحياة الاقتصادية والسياسية بعد سنوات الحرب، ويعكس إرادة الدولة في التوجه نحو مستقبل طموح يقوم على الانفتاح على العالم العربي والدولي، واستقطاب الاستثمارات لإعادة بناء البنية التحتية والقطاعات الإنتاجية.
إن استضافة أكثر من 800 شركة، بينها عشرات الشركات العربية والأجنبية، إلى جانب اختيار السعودية ضيف شرف هذه الدورة، تشكل رسالة واضحة بأن سورية تسير بخطى واثقة نحو مرحلة جديدة، تعيدها إلى مكانتها كفاعل اقتصادي وتجاري إقليمي، وتجعل من المعرض منصة وطنية ودولية للقاء الحضارات والاقتصادات