في عالم يزعم فيه الجميع الالتزام بحقوق الإنسان، تبقى السجون أماكن مظلمة تفتقد للإنسانية وتنتشر فيها أسوأ أنواع الانتهاكات. من خلال مراجعة ما يحدث في سجون إسرائيل ومعتقلات النظام السوري، نجد أن هناك تشابهاً مرعباً في الأساليب الوحشية المستخدمة ضد السجناء. إن هذه الأوضاع تضع بنيامين نتنياهو ونظامه في مصاف النظام السوري بقيادة بشار الأسد، حيث أن كلاهما يستخدمان التعذيب والقمع لتحقيق أهدافهما السياسية في ظل صمت دولي مشين.
سجون إسرائيل: قمع ممنهج ومعاملة وحشية
في السجون الإسرائيلية، يعاني الأسرى الفلسطينيون من ظروف احتجاز قاسية. تُوفي العديد منهم نتيجة للضرب المبرح، والإهمال الطبي، والحرمان من الغذاء والرعاية الصحية. وفقاً لتقارير منظمات حقوق الإنسان، يتعرض السجناء الفلسطينيون للضرب الروتيني والإساءات النفسية والجسدية.
تصف التقارير الإسرائيلية الرسمية الأوضاع بأنها قانونية وبما يتوافق مع المعايير الدولية، لكن الشهادات القادمة من داخل السجون تروي قصة مختلفة. السجناء يحرمون من الطعام الكافي والرعاية الطبية الأساسية، ويعيشون في ظروف مكتظة للغاية. تشير الإحصائيات إلى أن الزنازين المصممة لستة أشخاص قد تؤوي في بعض الأحيان ضعف هذا العدد، مما يؤدي إلى تفاقم الوضع الصحي والنفسي للسجناء.
معتقلات النظام السوري: الموت تحت التعذيب
في الجانب الآخر من هذا الكابوس، نجد سجون النظام السوري، حيث تفاقمت الأوضاع الإنسانية منذ اندلاع النزاع في عام 2011. سجن صيدنايا، الذي يوصف بـ"معسكر الموت"، شهد استخدام "غرف الملح" لحفظ جثث المعتقلين الذين يموتون بشكل شبه يومي نتيجة للتعذيب أو ظروف الاحتجاز السيئة.
التقارير القادمة من الداخل تشير إلى أن الجثث تُكدس في غرف مغطاة بالملح لمنع تحللها، في حين يُحرم السجناء الأحياء من الملح في طعامهم لإضعافهم جسدياً. يروي الناجون من هذا الجحيم قصصاً مروعة عن العنف والوحشية، حيث يُجبرون على مشاهدة زملائهم يموتون ببطء أمام أعينهم.
تشابه مروع واستغلال للصمت الدولي
إن التشابه بين ما يحدث في سجون إسرائيل ومعتقلات النظام السوري ليس مجرد مصادفة. كلا النظامين يستغلان صمت المجتمع الدولي وتردده في اتخاذ إجراءات حاسمة ضد هذه الانتهاكات. في إسرائيل، تُستخدم السجون كأداة لقمع الشعب الفلسطيني وإسكات أصواتهم، بينما يستخدم النظام السوري التعذيب والقتل لترهيب المعارضة وضمان بقائه في السلطة.
منظمات حقوق الإنسان الدولية مثل هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية قد وثقت هذه الانتهاكات بشكل مكثف. تُظهر التقارير أن الظروف في كلا النظامين لا تقتصر فقط على سوء المعاملة الجسدية، بل تشمل أيضاً انتهاكات نفسية تهدف إلى تدمير الروح المعنوية للسجناء. يُمنع السجناء في كلا النظامين من الحصول على محاكمات عادلة، ويُحتجزون في ظروف لا إنسانية تفتقر إلى أدنى معايير الكرامة.
دعوة إلى العدالة والمحاسبة
لا يمكن للمجتمع الدولي أن يستمر في تجاهل هذه الانتهاكات المروعة. يجب أن تتحمل الدول والمنظمات الدولية مسؤوليتها في محاسبة الأنظمة التي ترتكب هذه الجرائم بحق الإنسانية. إن الظروف المتشابهة في سجون إسرائيل ومعتقلات النظام السوري تظهر بوضوح أن نتنياهو وحكومته ونظام الأسد ليسوا سوى وجهين لعملة واحدة من الانتهاكات.
إن الحاجة إلى العدالة والمحاسبة أصبحت أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى. يجب أن نرفع أصواتنا عالياً ضد هذه الانتهاكات ونعمل بجدية على إنهاء هذا القمع الوحشي. حقوق الإنسان ليست مجرد شعارات تُرفع في المحافل الدولية، بل هي حقوق أساسية يجب أن تُحترم وتُصان في كل مكان وزمان.
فالحرية والعدالة والكرامة حق لجميع السجناء والمعتقلين في جميع أنحاء العالم. ويجب أن يكون هناك تحرك دولي فوري لمحاسبة كل من ينتهك حقوق الإنسان، سواء في إسرائيل أو سوريا، لضمان أن هذه الفظائع لن تستمر بدون عقاب. لنحقق العدالة لأولئك الذين فقدوا حياتهم بسبب القمع، ولنضمن مستقبلاً أفضل لمن لا يزالون يقاومون في مواجهة هذه الانتهاكات، وأن لا يتحولوا في نهاية المطاف إلى أرقام في زنازينهم، أو جثث يتم التخلص منها في مقابر جماعية.