من غزة إلى دمشق: جرائم بلا عقاب في مسرحية المجتمع الدولي

رئيس النظام السوري بشار الأسد ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو
رئيس النظام السوري بشار الأسد ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو

في مشهد يجسد التواطؤ الدولي مع الجرائم، تبرز كل من إسرائيل والنظام السوري كأمثلة صارخة على إفلات الأنظمة القمعية من العقاب. بين بنيامين نتنياهو وبشار الأسد، تتشابه الجرائم وتتلاقى الأيدي الملطخة بالدماء، في ظل صمت عالمي مخزٍ.


تاريخ من الجرائم

على مدار عقود، ارتكبت إسرائيل جرائم متكررة ضد الفلسطينيين، من تدمير المنازل إلى قصف المدارس والمستشفيات. وفي كل مرة، تتوارى العدالة خلف الستار، ويستمر القتل بلا رادع. في غزة، حيث يعيش الناس تحت حصار خانق، تأتي الغارات الجوية لتزيد من معاناتهم. تُرتكب الجرائم على مرأى ومسمع من العالم، لكن العقوبات الدولية تتلاشى في مواجهة الدعم السياسي الذي تحظى به إسرائيل.

بشار الأسد، على الجانب الآخر، استخدم الأسلحة الكيميائية ضد شعبه، ودمر مدناً بأكملها في حملته لقمع الثورة السورية. أكثر من نصف مليون سوري قتلوا، وملايين آخرين تشردوا داخل وخارج البلاد. رغم الأدلة الواضحة على استخدامه للغازات السامة ضد المدنيين، لم يتم تقديم الأسد للعدالة.


الإفلات من العقاب

ما يجمع بين إسرائيل والنظام السوري هو شعورهما المتزايد بعدم الخوف من العقاب. بنيامين نتنياهو يدرك تماماً أن القوة العسكرية والسياسية لإسرائيل ستحميها من أي عقوبات جدية. في المقابل، تمكن بشار الأسد من الإفلات من العقاب بفضل دعم حلفائه واستغلال الانقسامات الدولية.

لقد أعطى إفلات الأسد من العقاب نموذجاً سيئاً لإسرائيل. المشهد السوري أثبت أنه يمكن لأي نظام قمعي أن يرتكب أفظع الجرائم دون أن يواجه أي عواقب فعلية. هذا التشابه المروع بين الجرائم الإسرائيلية في فلسطين وجرائم النظام السوري في سوريا يوضح أن المجتمع الدولي بات متفرجاً غير فاعل، يشاهد المجازر دون أن يحرك ساكناً.


المجتمع الدولي: مشاهد غير فاعل

لقد أصبح المجتمع الدولي متفرجاً على هذه المسرحية الدموية. الدول الكبرى التي تملك نفوذاً لفرض عقوبات أو تقديم مجرمي الحرب للعدالة، اختارت الصمت أو الدعم الضمني. مجلس الأمن الدولي، الذي يُفترض أن يكون الهيئة الرئيسية للحفاظ على السلم والأمن الدوليين، عاجز أمام الفيتو الذي يستخدمه الأعضاء الدائمون لحماية حلفائهم.


مقارنة بين نتنياهو والأسد

بين نتنياهو والأسد، نجد تشابهاً كبيراً في كيفية تعاملهم مع الأزمات: استخدام العنف بلا هوادة، تجاهل الدعوات الدولية للسلام، والتعمد في قمع أي صوت معارض. نتنياهو يستمر في قصف غزة وفرض حصار على ملايين الفلسطينيين، متذرعاً بالدفاع عن النفس. الأسد يستخدم القصف العشوائي والأسلحة الكيميائية لقمع المعارضة، متذرعاً بمحاربة الإرهاب.

كلاهما يستخدم القوة المفرطة ضد المدنيين، وكلاهما يعتمد على الدعم الدولي أو الإقليمي للبقاء في السلطة. وكلاهما يشارك في جرائم حرب، ويستفيد من انقسام المجتمع الدولي وعجزه عن التحرك.

إن التشابه الكبير بين الجرائم التي ترتكبها إسرائيل في فلسطين وتلك التي يرتكبها النظام السوري في سوريا يسلط الضوء على فشل المجتمع الدولي في تحقيق العدالة وحماية المدنيين. بنيامين نتنياهو وبشار الأسد هما وجهان لعملة واحدة، عملة الإفلات من العقاب والتواطؤ الدولي.

إن الصمت الدولي ليس مجرد إخفاق، بل هو تواطؤ مع الظلم. لقد حان الوقت للمجتمع الدولي أن يتحرك بجدية ويفرض عقوبات صارمة على من يرتكبون الجرائم ضد الإنسانية، بغض النظر عن قوتهم أو حلفائهم. العدالة الحقيقية لا تعرف حدوداً، ولا يجب أن تعرف ازدواجية في المعايير.