هل حان الوقت لتطبيع العلاقات السورية-التركية؟

علم تركيا مع علم النظام السوري
علم تركيا مع علم النظام السوري

بعد سنوات من التوتر والخلافات، تشهد العلاقات بين سوريا وتركيا تطورات تُشير إلى احتمالية تطبيع العلاقات بين البلدين. فقد أعرب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن استعداد بلاده لإقامة علاقات دبلوماسية مع النظام السوري، مؤكداً أنه "لا يوجد سبب يمنع إقامة هذه العلاقات".

وتأتي تصريحات أردوغان في ظل جهود روسية-تركية لتحسين العلاقات بين البلدين. ففي الآونة الأخيرة، عقدت اجتماعات بين الجانبين الروسي والتركي لتحديد بنود اتفاق يمهد الطريق لتطبيع العلاقات. ويُرجح أن يتبع هذا الاتفاق سلسلة اتفاقات أخرى تشمل فتح طريق M4 الذي يربط بين حلب واللاذقية، لتعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين.

لكن موقف النظام السوري لا يزال متشدداً، حيث اشترط انسحاب القوات التركية من الأراضي السورية كشرط أساسي لأي تقارب. وهو ما يُعد تحدياً رئيسياً أمام الجهود الرامية إلى تطبيع العلاقات. فالنظام السوري لا يزال يُصر على سيادته على كامل أراضيه، ويرفض أي وجود عسكري تركي على أراضيه.

وفي المقابل، تُبدي تركيا قلقها من تنامي نفوذ الأكراد في شمال سوريا، وتخشى من انعكاسات ذلك على أمنها القومي. لذلك، فإن الانسحاب التركي من الأراضي السورية ليس أمراً سهلاً بالنسبة لأنقرة، التي تُعتبر الملف السوري أحد أبرز ملفاتها الأمنية.

يُعد موضوع اللاجئين السوريين في تركيا أحد التحديات الرئيسية التي تواجهها العلاقات السورية-التركية. فقد استقبلت تركيا ملايين اللاجئين السوريين الفارين من الحرب في بلادهم، مما شكل عبئاً كبيراً على اقتصادها وبنيتها التحتية.

وتُبدي تركيا قلقها من تنامي نفوذ الأكراد في شمال سوريا، والذي قد ينعكس سلباً على أمنها القومي. وهو ما يجعل من ملف اللاجئين السوريين أحد أبرز العقبات أمام تطبيع العلاقات بين البلدين.

فالنظام السوري يطالب بانسحاب القوات التركية من الأراضي السورية كشرط أساسي لأي تقارب، بينما تُصر تركيا على الحفاظ على وجودها العسكري في المنطقة لأسباب أمنية. وهو ما يشكل تحدياً كبيراً أمام الجهود الرامية إلى إعادة العلاقات بين البلدين إلى طبيعتها.

ورغم هذه التحديات، فإن هناك عوامل تُشجع على تطبيع العلاقات بين البلدين. فالطرفان لديهما مصالح مشتركة. وعلى الرغم من الإيجابيات التي يراها الطرفان في  التطبيع على البلدين إلا أننا يجب أن لا ننسى سلبياتها على اللاجئين السوريين في تركيا، خصوصاً المطلوبين للنظام السوري. هؤلاء اللاجئون يشعرون بالقلق والخوف من احتمال إعادتهم إلى سوريا في حال تم التوصل إلى اتفاق بين البلدين.

فقد يواجهون مخاطر كبيرة في حال عودتهم، بما في ذلك الاعتقال، التعذيب، أو حتى الإعدام، خاصة وأن النظام السوري معروف بتعامله القاسي مع المعارضين والمطلوبين الأمنيين. هذا الأمر يُشكل عقبة كبيرة أمامهم.

فلذلك يجب على تركيا إيجاد توازن بين الحفاظ على مصالحها الأمنية والسياسية وبين التزاماتها الإنسانية والأخلاقية تجاه هؤلاء اللاجئين.

التعامل مع هذا الملف يتطلب حلاً دقيقاً ومتوازناً، حيث يمكن أن تشمل التفاهمات بين الجانبين ضمانات دولية لحماية اللاجئين المطلوبين، كما أن المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان يلعبون دوراً حيوياً في مراقبة وضمان حماية حقوق اللاجئين في هذا السياق.

إن تطبيع العلاقات بين سوريا وتركيا لا يجب أن يأتي على حساب حقوق وأمان اللاجئين السوريين، خصوصاً المطلوبين منهم. فالتوصل إلى حلول إنسانية تضمن سلامتهم وأمانهم سيكون عاملاً أساسياً في أي عملية تطبيع بين البلدين.