عندما لجأ السوريون إلى دول عربية (دول الجوار بشكل خاص)، ودول أجنبية (تركيا وألمانيا بشكل أساسي)، هربا من بطش الطاغية السوري وآلة القمع والقتل والتعذيب التي انتهجها للقضاء على الثورة السورية والتي راح ضحيتها أكثر من نصف مليون قتيل، وما يوازيها أو أكثر مصاب، عدا عن النازحين في المناطق المحررة الذين فاق عددهم الخمسة ملايين نازح، اعتقد النازحون السوريون أن دول الجوار العربية التي يرتبطون معها بروابط مختلفة من الأخوة، والتاريخ، والعادات، والدين، والمصير المشترك ستستقبلهم بأذرع مفتوحة ويتمتعون في ربوعها بالأمان والعيش الكريم. لكن الواقع تبين أنه شيء آخر، فالسوري أصبح منبوذا، وغير مرحب به، ومهددا بالطرد، ومحملا بتبعات اجتماعية وسياسية لمجرد وجوده الذي يخشى منه أن يخل بتوازن طائفي كما صرح أكثر من سياسي لبناني بعد أن ضاقوا به ذرعا لأنه "يكلف الدولة" مبالغ طائلة (مع أن المنظمات الدولية خصصت مبالغ كبيرة لهذه الدول لرعاية اللاجئين)، وقد تم استغلال السوري في سوق العمل أبشع استغلال (يعمل ساعات طويلة بأقل الرواتب)، ولم يسلم من الاعتداء عليه، وارتكاب جرائم قتل بحقه، وفي مصر انطلقت حملات كبيرة لطرد اللاجئين الذين باتوا عبئا على ميزانية مصر (في تصريح لمسؤول حكومي قال بأن تكاليف اللاجئين سنويا تصل إلى 10 مليار دولار)، مع أن السوريين في مصر قاموا بإنشاء مشاريع تجارية، واستثمارية، ووظفوا الكثير من اليد العاملة المصرية، (وهنا لا بد من التنويه إلى أن الشعب المصري استقبل السوريين بحفاوة بالغة)، ولم يختلف الأمر بالنسبة للسوريين في الأردن، فالحكومة الأردنية نوهت مرارا وتكرارا بأنها ترغب في عودة السوريين إلى وطنهم، أما في الدول الأجنبية فلا يخل الأمر من مضايقات، ففي ألمانيا ومع صعود اليمين المتطرف هناك دعوات للتخلص من اللاجئين، وتكررت الاعتداءات على بعضهم، وفي تركيا التي تستوعب أكبر عدد من السوريين تعمل الدولة على تخفيض اعدادهم عبر مشاريع سكنية في المناطق المحررة، لكن الاعتداءات من بعض المواطنين والتي وصلت إلى حد القتل تعكس مدى عدم تقبل بعض الأتراك للوجود السوري خاصة من قبل المعارضة السياسية التركية. وإزاء هذا الوضع سعى الكثير من اللاجئين الوصول إلى أوربا بطريقة غير شرعية عبر ركوب البحر، وفقد الكثير منهم حياتهم غرقا في رحلة المخاطر. هذا باختصار شديد، وغيض من فيض لمعاناة السوري في الملاجيء، والحل الجذري للاجئين والنازحين السوريين يكمن فقط في التخلص من النظام المخابراتي، القمعي، والدموي، عبر حل سياسي قائم على قرار الأمم المتحدة 2254 وبناء دولة المؤسسات الديمقراطية، يشعر فيها المواطن بالأمان، والأمل في عيش كريم. وهذا ما لا ترغب به الدول المطبعة معه، والمستفيدة من هذا الوضع حاليا.