لا يمكنُ تفسير الشفافية غير المعهودة في الإعلان عن مرض بشار الأسد وزوجته بفيروس كورونا، إلا في سياق الحملة الانتخابية الرئاسية التي تقتربُ من موعدها شيئاً فشيئاً، فهوَ نفسُ النظام الذي أخفى عن مواطنيه لسنوات طويلة أي خبرٍ يتعلق بمرضَ حافظ الأسد قبل وفاته عام 2000.
وإذا كانت الحملة الانتخابية للنظام في المناطق المحررة بدأت برسائل التفجيرات التي عادت للواجهة من جديد مطلع العام الحالي، فإن النظام اختارَ اللجوء إلى الاستثمار العاطفي في الشارع الموالي الذي تتفاقم أوضاعه الاقتصادية والمعيشية من السيء إلى الأسوأ، ولم تعد حلقات الدبكة والرقص الشعبي والمهرجانات الخطابية التي اعتاد النظام اجترارها في مثل هذه الأوقات، خياراً جيداً في ظل بؤس اقتصادي واجتماعي متزايد.
وسواء أكان خبرُ المرض حقيقة أو لُعبة ليست مستغربة على النظام الذي لطالما استعان بشركات علاقات عامة من أجل بناء وترميم صورته، فإن الحقيقة التي لايختلف عليها اثنان حجم البؤس الاقتصادي والاجتماعي والنفسي الذي وصلَ إليه الشارع الموالي والتي أدّت لزيادة معدلات الانتحار في الآونة الأخيرة.
لكن الضخ الإعلامي الذي رافق الخبر، وانطلاق "الهاشتاغات العفوية" في مواقع التواصل الاجتماعي مثل (ما ع قلبكم شر) وغيره، والسعي لخلق حالة من الشفقة عبر التركيز على فكرة الرئيس الإنسان الذي لم يقبل وزوجته أخذ لقاح كورونا قبل الشعب، جعلَ الأمر يبدو لعبة مخابراتية يصعبُ تصديقها.
إزاء ذلك تبدو الصورة التي تناقلها السوريون على نطاقٍ واسع أمس، باهتة ومثيرة للشفقة، في ظل النقمة الشعبية الشديدة والمتزايدة مع انعدام لوازم الحياة الأساسية التي فشل النظام في تأمينها. ولا أجد ما أقولُ للمشاركين في رسم هذه الصورة سوى تمنياتنا "بالشفاء العاجل". إن كانَ للحماقة ثمّة دواء.