الصورة خاطئة

صورة متداولة لمدي نعمة المعتقل لدى السلطات الفرنسية
صورة متداولة لمدي نعمة المعتقل لدى السلطات الفرنسية

أضحت صورة "مجدي نعمة" الجديدة، حديثَ السوريين منذ أن سربتها عائلةُ المتحدث الرسمي السابق باسم فصيل "جيش الإسلام" المعروف بلقب "إسلام علوش"، نظراً لما تحتويه من آثار كدمات وضرب أدت لتغيير ملامحه، وهو الموقوف في فرنسا منذ شباط (فبراير) 2020.

ورغم أنّ تحليلات المواقع المختصة بتحليل صحة الصور أظهرت خضوع الصورة للتعديل عبر برنامج فوتوشوب، كما أشار موقع تأكد المختص بتصويب الأخبار والتحقق من صحتها، لكن ذاتَ الموقع أكّد بأنّ الصورة "صحيحة" لأن أي تعديل على حجم الصورة أو اقتصاص أي جزء منها سيعتبرهُ الموقع الذي حلل الصورة وبحسب تقريره، تعديلاً .  

حينَ رأيتُ الصورة لأول وهلة قلتُ "الصورة فيها خطأ". ثم اكتشفت لاحقاً أن السبب هو اتجاه الظلال التي تظهر من كلا الطرفين، وهذا غريب في الغرف المخصصة لتحديد الطول وتصوير المشتبه بهم. فإذا كان مصدر الضوء من اليمين يجب أن لا يظهر الظل من اليمين، وإذا كان مصدر الضوء من اليسار لا يجب أن يظهر الظل من اليسار، وإذا كان مصدر الضوء من الطرفين لا يجب أن يظهر الظل أبداً. فكيفَ يظهرُ الظلُ من الطرفين؟ 

على الجانب المقابل تدرجت ردود فعل السوريين بين الصدمة والتعاطف والإدانة والتشكيك والشماتة، وصولاً إلى من اتهمَ عائلتهُ بمحاولة تأليب الناس على القضاء الأوروبي عبر صورةٍ مفبركة خِدمةً لأجندات ومآرب لا علاقةَ لها بالجانب الإنساني المرتبط بالإفراج عن ابنهم، بل قد تتعدى ذلكَ إلى الجانب السياسي المتعلق بأزمة العلاقات الفرنسية التركية. 

كل الأفكار التي تم طرحها تبدو واقعية، فالرافض لهُ أسبابهُ الإنسانية والثورية، والشامت لهُ أسبابهُ المتعلقة بمصير الغوطة، والمشكك لهُ أسبابهُ الواقعية أيضا ، لاسيما وأن عائلة مجدي نعمة تقيم في تركيا، وجيش الإسلام يعملُ في شمال سوريا تحت سلطة الجيش التركي بالفعل. 

كل شيء يبدو طبيعياً مع هذا الحدث هذه المرّة، إلا تأكيد موقع تأكّد في العنوان بأن "الصورة صحيحة"، فطالما أن التحليلات التي أوردها ذاتُ الموقع أظهرت تعرض الصورة لتعديلٍ، دون تحديد مكان وجزء التعديل، كان من الأجدر بموقع تأكد أن لا يحسم بصحة الصورة في عنوان مقاله الذي تحدث عن الموضوع. 

حين عنونتُ المقال "الصورة خاطئة" حاولتُ محاكاة "تأكد" في عنوانهم عن الموضوع "الصورة صحيحة"، وبدى وكأني احسمُ المكتوب من عنوانه، مع أني لا أقولُ ذلك في النص. وهو بالضبط مافعله الزملاء في تأكد، فإذا اختلف الناس على تفسير الصورة، لايجب أن نختلف مهنياً على تحديد العبارة الأدق لها، فالصورة، وفق البيانات الموجودة، "قد تكون صحيحة"، "وقد تكون خاطئة".