المراة السورية في مواجهة العاصفة

متطوعات سوريا (الأمم المتحدة)
متطوعات سوريا (الأمم المتحدة)

كتب الكثير عن النساء السوريات خلال فترة السنوات العشر الماضية، وتم تحليل ودراسة ردود فعلهن حيال العاصفة المتعددة الاوجه التي ثارت في وجههن كنتيجة للحراك الثوري الذي قلب موازين الحياة التي بدت امنة بشكل مخادع.

شاركت النساء السوريات منذ البداية في الحراك الثوري السلمي في سوريا في الساحات وفي لجان التنسيق المحلية، وكانت مشاركتها بشكل فعلي او بالمساندة والدعم والامداد.

كانت مظاهرة النساء الاولى في 16 آذار 2011 نموذجا حيا للدور الفعال للمرأة السورية في الشأن العام، وعلى الرغم من تراجع مشاركتها الظاهرية عقب مظاهر العنف التي ووجهت به المظاهرات والاحتجاجات الشعبية، حيث حجبت المرأة عن الظهور في الصفوف الأمامية لحمايتها من الاعتداء أو الاعتقال ووصمة العار، وعلى الرغم من اضطرار الكثيرات منهن البقاء في المنزل بسبب الخطر المتمثل بالتحرش والاغتصاب من قبل الجيش النظامي وميليشيات الدفاع الوطني وغيرهم من ذوي الانتماءات الغريبة في أغلب المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، فإن النساء السوريات تابعن تقديم كل ما بوسعهن لدعم ذلك الحراك، انتصاراً له أو تعاطفا معه أو قياما بواجب الأسرة والأخوة والجيرة، وتوزعن في البيوت والشوارع والمشافي الميدانية وإيواء المهجرين وأعمال الإغاثة وجمع التبرعات والمخاطرة على الحواجز، ينقلن الأدوية والأغذية لمناطق تمت محاصرتها.

وحين أجبرت النساء المنخرطات في الشأن العام والمجالس المحلية والتنسيقيات على التنحي عن عملهن السياسي تحت ذريعة حمايتهن أو فتاوى الهيئات الشرعية، ومع تصاعد تهميش المرأة واستبعادها تحت ذريعة مقتضيات المواجهة العسكرية، ارتأت بعض المجموعات من النساء الناشطات في فترة مبكرة، أنه لا بد من إنشاء تكتلات للدفاع عن حقوق النساء وتواجدهن المؤثر والعمل على بناء دولة مدنية ديموقراطية قائمة على شريعة حقوق الانسان والمساواة الكاملة بين الرجال والنساء.

وظهرت عدة تكتلات نسائية سورية كشبكة المرأة السورية ورابطة سوريات وشبكة اللاجئات السوريات "لاجئات" وغيرها.

واهتمت شبكة المرأة السورية التي أعلن عنها في مؤتمر القاهرة 25/5/2013 بمشاركة المرأة السياسية، حيث حدد الهدف المرحلي الأساسي للشبكة بدعم تواجد نسائي في جميع التشكيلات السياسية والمدنية، القائمة داخل وخارج سوريا، بنسبة لا تقل عن ٣٠٪، وتضمين الدستور الجديد المساواة التامة للنساء في الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية..

 وتتركز رؤية الشبكة على "بناء مجتمع ديمقراطي للوصول الى دولة ديمقراطية تعددية مدنية. قائمة على قيم المواطنة وتعزز مشاركة المرأة وتكرس المساواة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية”

 وتتلخص رسالتها بـ "تأمين بيئة حاضنة لمشاركة المرأة في صنع القرارات على الساحة السياسية والاجتماعية، تضمن حقوقها الكاملة وترفع عنها الضرر الناجم من الحرب"

السوريات في دول اللجوء:

واجهت النساء السوريات تداعيات الحراك الثوري القاسية حيث فقدت معيلها وحمايتها الاجتماعية واضطرت أسر كاملة للنزوح من قراهم ومدنهم وفقدت هذه الاسر مواردها الأساسية والنسيج المجتمعي الحامي لها وفقدت فيما فقدت أبناء وأزواج وآباء..

كنتيجة لهذا، وجدت كثير من النساء أنفسهن معيلات لأسرهن عقب نتائج القسوة التي واجه النظام بها الانفجار الشعبي.

وشيئا فشيئا بدأت الصورة تتضح، وصارت مواجهة هذا الظرف من التمزق وانهيار المنظومة الاجتماعية وتفكك النظام الصحي والاقتصادي السوري أمرا لازما على النساء الفاعلات الموزعات هنا وهناك حسبما القت بهن موجات القمع الضاربة، وذلك في ظل تمزق سياسي أمسك الرجال بأغلب خيوطه وتنازعوه فيما بينهم.

 وهكذا أسست النساء السوريات، أو شاركن في التأسيس، تكتلات خدمية وإغاثية ومراكز دعم نفسي في دول اللجوء أو في الداخل أو في أماكن النزوح.

قامت هذه المبادرات على أساس تأمين الاحتياجات التي تواجهها الأسر أو النساء المعيلات والفتيات بشكل خاص في دول اللجوء أو في الداخل، وتطوعت كثير من الفتيات والنساء وبعضهن، ممن عملن الداخل، لامسن الخطوط الساخنة في الدعم والإمداد وواجهن الاخطار والقصف والحصار.

ومازالت حتى الآن.. بعد مرور ما يقرب من عقد على المحنة التي تمر بها سوريا..

تتابع المرأة السورية في أماكن تواجدها العمل على تمكين نفسها وإعداد العدة لإعادة الاعمار ومواجهة العقبات المتعددة المستويات.. واضعة نصب عينيها الحياة الامنة الحرة هدفا لا تساوم عليه.