انطلقت اليوم في مختلف المحافظات السورية تصفيات المرحلة الثانية من مبادرة تحدي القراءة العربي في موسمها التاسع، بمشاركة أكثر من 2694 طالباً وطالبة من مختلف المراحل التعليمية، تم اختيارهم بعد اجتيازهم للتصفيات المدرسية والمناطقية ضمن مدارسهم.
وتهدف هذه التصفيات إلى اختيار نخبة من الطلاب لتمثيل المحافظات في المرحلة الثالثة على مستوى الجمهورية، وصولاً إلى المنافسة على تمثيل سوريا في التصفيات النهائية التي ستُقام في دولة الإمارات العربية المتحدة، تحت رعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي.
قراءة بملايين الصفحات
وتُعد مبادرة تحدي القراءة العربي أكبر مشروع عربي لتشجيع القراءة لدى الطلاب في العالم العربي، وتُشرف عليه مؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية. وتتمثل الفكرة الأساسية في قراءة وتلخيص 50 كتاباً خلال العام الدراسي، يمر خلالها الطلاب بمراحل تقييم وتصفيات محلية وإقليمية، وصولاً إلى التصفية النهائية على مستوى الوطن العربي.
الحضور السوري في التحدي
منذ انضمام سوريا إلى المبادرة في موسمها الثاني، شهدت مشاركة طلابية متنامية، رغم التحديات التي فرضتها الحرب وظروف النزوح وتباين الوضع التعليمي في المحافظات. وتمكنت وزارة التربية السورية من إدماج المشروع في الخطط التعليمية والأنشطة اللاصفية، عبر دعم المكتبات المدرسية، وتدريب المشرفين، وتنظيم ورشات تشجيع على القراءة في المدارس.
في السنوات الأخيرة، سُجّلت مشاركة واسعة من الطلاب السوريين، حيث بلغ عدد المشاركين في الدورة السابعة نحو 700 ألف طالب وطالبة، وهو رقم لافت يعكس اهتمام الأسرة التربوية والمجتمعية في سوريا بإعادة الاعتبار للقراءة واللغة العربية. وقد وصلت الطالبة سالي محمد الزين من محافظة طرطوس إلى التصفيات النهائية في الموسم الثامن، ممثلة سوريا في دبي.
تأهيل وتدريب المشرفين
أكدت وزارة التربية السورية أنها وضعت خطة متكاملة لتأهيل المشرفين التربويين الذين يواكبون الطلاب في تحدي القراءة، حيث تم تنظيم ورش عمل تدريبية تناولت أساليب التلخيص، ونقد النصوص، ومهارات الحوار مع الطلاب. كما جرى التنسيق مع مديريات التربية لتحديث محتوى المكتبات المدرسية، وضمان تنوع الكتب التي يختار منها الطلاب، بما يشمل الأدب العربي، والمجلات العلمية، وكتب التنمية البشرية المبسطة.
وفي تصريح خاص لـ"سانا"، قالت ميساء اليوسف، رئيسة دائرة البحوث في وزارة التربية، إن الوزارة تسعى من خلال هذه المبادرة إلى "ترسيخ عادة القراءة في نفوس الطلبة، وتنمية قدراتهم على التحليل والتفكير الناقد، وتعزيز حضور اللغة العربية كلغة علم ومعرفة".
وأضافت: "رغم التحديات الميدانية التي تعاني منها بعض المناطق، إلا أن الإصرار على إنجاح هذه المبادرة كان مشتركًا بين الطلاب وأسرهم والكادر التعليمي، وهو ما يعكس عمق الانتماء الثقافي والوعي بأهمية دور الكتاب في تشكيل وعي الأجيال القادمة".
آفاق مستقبلية
مع اقتراب تحدي القراءة العربي من عقده الأول، تبدو سوريا عازمة على تعزيز مشاركتها النوعية في المبادرة، من خلال التركيز على تنمية مهارات النقد الأدبي والتعبير الكتابي والشفهي، والعمل على إشراك فئات أوسع من الأطفال خارج الإطار المدرسي، لا سيما في مراكز الإيواء أو المناطق التي تفتقر للبنية التعليمية المستقرة.
وقد أشار تربويون إلى أن المبادرة أسهمت في إحداث حراك ثقافي حقيقي بين الأطفال واليافعين السوريين، وأن قصص النجاح التي خرجت من قلب المعاناة تثبت أن القراءة ما تزال فعل مقاومة حضاري، وطريقًا إلى المستقبل.