لسنوات، عملت إيران على توسيع نفوذها في الشرق الأوسط، واضعةً سوريا في صلب مشروعها التوسعي. ومع سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024، تهاوت هذه المخططات، مُسلطةً الضوء على فشل المشروع الإيراني الذي تولّى الحرس الثوري تنفيذه على الأرض. بات تصنيف هذا الجهاز العسكري كمنظمة إرهابية خطوة ضرورية لكبح تهديداته الإقليمية المتزايدة.
استثمارات وهمية وخسائر استراتيجية
استثمرت طهران مليارات الدولارات في مشاريع استراتيجية داخل سوريا، من محطات الطاقة إلى سكك الحديد واستخراج النفط، في محاولة لربط الاقتصاد السوري بمنظومتها الإقليمية. كما وفّرت خطوط ائتمان لدعم الحكومة السورية في استيراد النفط والمواد الأساسية.
لكن هذه الجهود تعثّرت بفعل الفساد، هشاشة الأمن، والعقوبات الدولية، فضلاً عن عجز دمشق عن سداد ديونها المتراكمة. ومع انهيار النظام السوري، انهارت تلك الاستثمارات بدورها، كاشفةً ضعف الرهان الإيراني على الأسد.
سوريا كمنصة للنفوذ والتصعيد
تحولت سوريا، خلال سنوات الحرب، إلى قاعدة للأنشطة الإيرانية العابرة للحدود. عبر الحرس الثوري، ضخّت طهران الأسلحة والمقاتلين لدعم مجموعات حليفة كحزب الله، وزرعت وجودها العسكري في مدن استراتيجية. كما استغلت طقوسًا دينية لتعزيز نفوذها الثقافي في مناطق سورية محددة.
ساهم هذا الدور في إطالة أمد النزاع السوري وزيادة تعقيداته، وحوّل سوريا إلى ساحة مواجهة بين مشاريع النفوذ المتصارعة، على حساب الاستقرار الوطني.
الحرس الثوري: أداة الخراب وسبب المواجهة
إن الدور التخريبي الذي لعبه الحرس الثوري الإيراني في سوريا، سياسيًا وعسكريًا، يجعله في صلب المسؤولية عن فشل هذا المشروع وتبعاته الكارثية.
تصنيفه منظمة إرهابية لم يعد مجرد موقف سياسي، بل ضرورة لحماية استقرار المنطقة، والحد من قدرته على تصدير الفوضى، سواء عبر وكلائه المحليين أو شبكاته العابر للحدود.
خلاصة: فشل مشروع، وتحمّل العواقب
إن تجربة إيران في سوريا تقدم درسًا واضحًا: لا يمكن بناء نفوذ دائم على أساس العنف والهيمنة. سقوط الأسد كان ضربة موجعة لطهران، لكن الرسالة الأهم هي أن أدوات القمع والتخريب — وعلى رأسها الحرس الثوري — يجب أن تواجه عواقب أفعالها.
إن تصنيف هذا الكيان كمنظمة إرهابية هو خطوة في الاتجاه الصحيح، ضمن مسار أوسع لمساءلة كل جهة تساهم في زعزعة أمن واستقرار المنطقة.