تشهد منطقة البادية السورية تطورات متسارعة مع إعلان الإدارة السورية الجديدة عن قرب إخلاء مخيم الركبان بشكل كامل، وعودة النازحين إلى بلداتهم الأصلية، بعد سنوات من المعاناة والنزوح القسري. هذه التطورات تثير تساؤلات حول مصير آلاف النازحين الذين عاشوا ظروفاً إنسانية قاسية في المخيم، وتأثير هذه العودة على المنطقة ككل.
وفقاً لمصادر عدة، فقد كثفت الإدارة السورية الجديدة جهودها لإخلاء مخيم الركبان، حيث بدأت عمليات الإخلاء منذ أواخر شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي. وبحسب "تلفزيون سوريا"، فقد غادرت المخيم مؤخرًا قافلة مكونة من 40 عائلة متجهة نحو بلدة القريتين بريف حمص الشرقي، مما قد يشير إلى اقتراب إعلان فراغ المخيم. ويأتي هذا بعد سنوات من الحصار الخانق الذي كان قد فرضته قوات النظام السوري السابق وحلفاؤه إلى تفاقم الأزمة الإنسانية بشكل كبير، مما تسبب في وفيات مأساوية، خاصة بين الأطفال الرضع، حيث تجلت هذه المأساة في صور متعددة من المعاناة، حيث عانى سكان المخيم من لبرد القارس في فصل الشتاء دون وسائل تدفئة كافية، وسوء التغذية الحاد بسبب نقص الإمدادات الغذائية وغياب للرعاية الطبية الأساسية وندرة للأدوية وظروف معيشية قاسية في بيئة صحراوية معزولة.
يعود تاريخ إنشاء مخيم الركبان إلى عام 2014، عندما لجأ إليه آلاف السوريين النازحين بسبب الصراع الدائر في البلاد. يقع المخيم في منطقة استراتيجية داخل المثلث الحدودي السوري الأردني العراقي، في منطقة الـ 55 كيلومترًا، التي تسيطر عليها قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، والتي تتمركز فيها قاعدة التنف العسكرية، وقد شهد المخيم، خلال السنوات الماضية، تدهوراً كبيراً في الأوضاع الإنسانية، نتيجة الحصار المفروض عليه من قبل قوات النظام السوري، بالإضافة إلى القيود المفروضة على وصول المساعدات الإنسانية من الأردن. ووفقاً لإحصائيات صادرة عن المجلس المدني داخل المخيم، فقد تضاءل عدد سكانه من 45 ألف نازح في عام 2018 إلى حوالي 8 آلاف نازح حالياً.
في سياق متصل، أفاد ناشطون، بأن مخيمات النازحين في ريف إدلب تشهد حركة مغادرة محدودة إلى مناطقهم الأصلية، إلا أن منظمة منسقي الاستجابة السورية أكدت أن 94% من منازل هؤلاء النازحين تعرضت لدمار كامل، مما يعيق عودتهم. ومع ذلك، أكد قائد الإدارة السورية الجديدة، أحمد الشرع، أن إعادة المهجرين وإعمار المنازل المهدمة على رأس أولويات الحكومة الانتقالية.
من جهة أخرى، أعرب نازحون من مخيم الركبان، عبر منصات التواصل الاجتماعي، عن فرحتهم بالعودة إلى مدنهم وقراهم، وأملهم في إعادة إعمارها. ويواجه النازحون العائدون ظروفاً اقتصادية صعبة، نتيجة الدمار الذي لحق بمنازلهم وأرزاقهم، بالإضافة إلى نقص الخدمات الأساسية في المناطق التي يعودون إليها، إذ تحتاج المناطق التي يعود إليها النازحون إلى إعادة تأهيل للبنية التحتية المتضررة، وتوفير الخدمات الأساسية كالماء والكهرباء والصرف الصحي، وهو ما يتطلب جهوداً كبيرة من الإدارة السورية الجديدة وتعاون المنظمات الدولية.
وبدأت عملية تفريغ مخيم الركبان المحاصر في الصحراء السورية بعد حصار دام 9 سنوات. ووصلت مساء أمس السبت الـ11 من يناير / كانون الثاني القافلة الرابعة من العائلات النازحة إلى مدينة تدمر، حاملة على متنها 40 عائلة من سكان المخيم، ويشهد مخيم الركبان عملية إخلاء منظمة حيث يتم نقل العائلات تباعاً إلى مدينة تدمر. وتجري عملية العودة وسط أجواء احتفالية، حيث يعود الأهالي إلى منازلهم بعد سنوات طويلة من المعاناة والحصار. في خطوة تعد مهمة نحو إنهاء أزمة النزوح في هذه المنطقة من سوريا.