اكتشف علماء آثار من جامعة تولين مدينة مايا قديمة لم تكن معروفة من قبل، أطلقوا عليها اسم “فاليريانا”، إلى الشرق من مدينة دوس لاجوناس في جنوب المكسيك. تقع هذه المدينة، التي يُقدر عدد سكانها في ذروتها بحوالي 50 ألف شخص، على بعد 15 دقيقة سيراً على الأقدام من الطريق السريع الرئيسي، إلا أنها ظلت مختفية عن الأنظار لقرون بسبب الغابة الكثيفة.
تم توثيق الموقع باستخدام تقنية الليدار، وهي تقنية مسح جوي تستخدم أشعة الليزر لاختراق النباتات الكثيفة، وتسمح للباحثين بالكشف عن الهياكل المخفية تحت طبقات الغابات. وجد الفريق، بقيادة الباحث مارسيلو كانوتو، أطلالاً تحمل السمات التقليدية لحضارة المايا، بما في ذلك أهرامات المعابد، وساحات عامة، ومجمع قصور، وأنظمة مائية، مما يعكس تميز المدينة في فترة حضارة المايا الكلاسيكية المتأخرة بين عامي 750 و850 ميلادياً.
لوك أولد توماس، طالب دكتوراه بجامعة تولين وأحد المشاركين في الاكتشاف، أعرب لصحيفة نيويورك تايمز عن اندهاشه من البنية الهندسية للمدينة. وأوضح أن التصميم يتضمن طرقاً عريضة تربط بين التلال والمجمعات المختلفة، مما يشير إلى شبكة متقدمة تعكس قدرة هندسية عالية لسكان المدينة. وأضاف أن الفريق عثر أيضاً على بقايا مبانٍ سكنية وشرفات وجدران زراعية، بالإضافة إلى علامات تدل على النشاط الزراعي والتصنيع.
من بين الاكتشافات المثيرة، عُثر على حفرة عميقة متصلة بنظام كهف منهار، بجوار مجمع معماري تحيط به خنادق على شكل صليب، مما يعكس أهمية الكهوف في ثقافة المايا.
هذا الاكتشاف، الذي نُشر في مجلة Antiquity، يشير إلى أن منطقة المايا كانت ذات كثافة سكانية واسعة وانتشار مدني مشابه للمدن الحديثة. وأعربت كاثرين ريس تايلور، عالمة الأنثروبولوجيا بجامعة كالجاري للصحيفة الأمريكية، عن سعادتها بهذا الكشف، مشيرة إلى أن حضارة المايا كانت أكثر توسعاً مما كان يُعتقد.
الدكتور سايمون مارتن، عالم الأنثروبولوجيا السياسية في جامعة بنسلفانيا، أكد أن هذه الاكتشافات تطرح تساؤلات حول انهيار حضارة المايا، حيث إن اكتشاف مدن مثل فاليريانا يعزز فرضية الكثافة السكانية الواسعة، ما يجعل تفسير الانخفاض الكبير في عدد السكان لاحقاً أكثر غموضاً.