تعيش جامعات أميركية على صفيح ساخن مع تصاعد التوتر بين الطلاب والشرطة وسط انتشار التظاهرات المؤيدة للفلسطينيين عبر الولايات المتحدة إلى المزيد من الكليات الأربعاء، ما دفع رئيس مجلس النواب الجمهوري مايك جونسون إلى التلويح بنشر الحرس الوطني.
وجرت تظاهرات الأربعاء في جامعة جنوب كاليفورنيا وفي تكساس مع حصول مواجهة بين الطلاب وشرطيين مجهزين بأدوات مكافحة الشغب، أدت إلى اعتقال العشرات.
وانطلقت الحركة الاحتجاجية في جامعة كولومبيا في نيويورك حيث جرى اعتقال عشرات الأشخاص الأسبوع الماضي بعدما استدعت إدارة الجامعة الشرطة بوجه المتظاهرين، بحجة تنديد طلاب يهود بترهيب ومعاداة للسامية.
طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأميركي بصيحات الاستهجان
واستقبل طلاب في جامعة كولومبيا جونسون بصيحات الاستهجان خلال زيارته للمكان الذي أجج شرارة تظاهرات طلابية على مستوى البلاد على خلفية الحرب الإسرائيلية بقطاع غزة. وهدّد جونسون خلال زيارة إلى جامعة كولومبيا في منطقة مانهاتن بنيويورك، من حيث انطلقت الحركة الاحتجاجية، بأنه “إذا لم يتم احتواء التظاهرات بسرعة، وإذا لم يتم وقف هذه التهديدات والتخويف، فهناك وقت ملائم للحرس الوطني”. وتُحرك تصريحات جونسون ذكريات أليمة تعود إلى العام 1970 حين قُتل طلاب عزّل برصاص عناصر من الحرس الوطني خلال احتجاجات ضد حرب فيتنام.
وقال جونسون للصحافيين في جامعة كولومبيا إنه سيطلب من الرئيس الأميركي جو بايدن التحرّك، محذراً من أنّ التظاهرات “تجعل الطلاب اليهود هدفاً في الولايات المتحدة” وفق وصفه، والتي تضم حوالى ستة ملايين يهودي، أكبر مجموعة من اليهود في العالم بعد إسرائيل.
غير أنّ المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيار صرحت بأنّ بايدن يؤيد حرية التعبير. وقالت للصحافيين إن “الرئيس يؤمن بأهمية حرية التعبير والنقاش وعدم التمييز في حرم الجامعات”.
ويعرب الطلاب المحتجون عن تضامنهم مع الفلسطينيين في قطاع غزة ويدعون جامعة كولومبيا وجامعات أخرى إلى قطع علاقاتها مع شركات على ارتباط بإسرائيل، منددين بالتحالف العسكري والدبلوماسي والاقتصادي بين الولايات المتحدة وإسرائيل.
وقال يزن وهو أميركي من أصل فلسطيني عمره 23 عاماً يعتصم منذ أيام في خيم أقيمت في حرم جامعة كولومبيا: “هل مسؤوليتي كفلسطيني تقتضي أن أكون هنا وأبدي تضامني مع شعب غزة؟ بالتأكيد”.
وأثنت رئاسة الجامعة على “تقدم كبير” في المحادثات الجارية مع الطلاب لإخلاء المخيم بحلول غد الجمعة.
وأوقف 120 شخصاً لفترة وجيزة ليل الاثنين الثلاثاء أمام جامعة نيويورك في قلب مانهاتن، فيما أوقف حوالى خمسين متظاهراً في يال بولاية كونيتيكت. وأقيمت خيم احتجاج أيضاً الأربعاء في جامعة هارفارد، أقدم الجامعات الأميركية، بضاحية بوسطن.
عشرات المعتقلين في جامعات أميركية رددت “ليسقط الاحتلال”
وفي الطرف الآخر من البلاد، شهدت جامعة تكساس في أوستن تواجه مئات الطلاب المؤيدين للفلسطينيين مع قوات من الشرطة مجهزة بمعدات مكافحة الشغب. وهتف المتظاهرون “ليسقط الاحتلال” ورفع بعضهم أعلاماً فلسطينية ووضعوا كوفيات فيما التف طلاب آخرون بأعلام إسرائيل بحماية الشرطة.
وأعلنت الشرطة توقيف أكثر من عشرين شخصاً، فيما حرّض حاكم الولاية غريغ أبوت على إنزال عقوبات سريعة وكتب على مواقع التواصل الاجتماعي “هؤلاء المحتجون مكانهم في السجن”. وأضاف “يجب طرد الطلاب الذين ينضمون إلى احتجاجات تحمل كراهية ومعاداة للسامية في أي كلية أو جامعة عامة في تكساس”، وفق وصفه.
كذلك انتشرت الشرطة في لوس أنجليس بعدما بدأ طلاب حركة “احتلال”، على ما أطلقوا عليها، لحرم جامعة جنوب كاليفورنيا. وهتف الطلاب “فلسطين حرة حرة” ورددوا “من النهر إلى البحر، فلسطين ستكون حرة”.
وقالت الكابتن كيلي مونيز للصحافيين إنّ عناصر من شرطة لوس أنجليس توجهوا إلى حرم جامعة جنوب كاليفورنيا بعد ظهر الأربعاء، مضيفة أنّ الشرطة “ساعدت الجامعة في تنفيذ اعتقالات بحجّة التعدي على ممتلكاتها” بعدما رفض متظاهرون المغادرة.
ولاحقاً أوقف 93 شخصاً بتهمة التعدي على الأملاك خلال التظاهرة في حرم جامعة جنوب كاليفورنيا في لوس أنجليس، وفق ما أعلنت الشرطة. وأفادت شرطة لوس أنجليس في منشور على منصة إكس: “لم يُبلَغ عن وقوع إصابات. وستستمر دوريات الشرطة في المنطقة” الخميس.
من جهتها، قالت جامعة جنوب كاليفورنيا عبر “إكس” حوالى منتصف الليل، إن الاحتجاج انتهى وسيظل الحرم الجامعي “مغلقاً حتى إشعار آخر”. وأضافت الجامعة: “يجوز للطلاب وأعضاء هيئة التدريس والموظفين والأشخاص الذين لديهم أعمال في الحرم الجامعي الدخول ببطاقة الهوية”.
ونفى متظاهرون، ومن بينهم عدد من الطلاب اليهود، معاداة السامية. وقال الطالب في علم الأحياء ياسين المغربل لوكالة فرانس برس: “نحاول كلنا مناصرة أشقائنا وشقيقاتنا في فلسطين الذين ليس لديهم صوت الآن، هذا كل ما في الأمر”.
وجرت احتجاجات طلابية في عدد من الجامعات الأخرى ولا سيما معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) وجامعة ميشيغن وجامعة كاليفورنيا في بركلي (UC Berkeley) وجامعة ييل وجامعة براون. وأوقف أكثر من 130 شخصاً خلال تظاهرات مؤيدة للفلسطينيين مساء الاثنين في جامعة نيويورك، فيما أفيد عن اعتقال تسعة أشخاص في مخيّم أقيم في جامعة مينيسوتا.
ووفقاً لشبكة “إن بي سي” فإن مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) ينسق مع الجامعات حول تهديدات معادية للسامية وأعمال عنف محتملة على ارتباط بالاحتجاجات الجارية.
العفو الدولية تدين قمع احتجاجات الطلاب في جامعات أميركية
و دانت منظمة العفو الدولية، الخميس، قمع الجامعات الأميركية للاحتجاجات الطلابية المناهضة للحرب الإسرائيلية على الفلسطينيين، مؤكدة أن الحق في الاحتجاج “مهم جداً للتحدث بحرية” عمّا يحدث في قطاع غزة.
وقالت المنظمة الدولية على منصة إكس، إنّ “إدارات الجامعات الأميركية واجهت الاحتجاجات الداعمة لحقوق الفلسطينيين بعرقلتها وقمعها، بدلاً من السماح لطلابها بممارسة حقهم بالاحتجاج وحمايته”. وأوضحت أنّ الجامعات “بذلت جهدها لقمع هذا الحق، حتى إنها أشركت السلطات المحلية، وطالبت باعتقال المحتجين، وأوقفت الطلاب المشاركين في المظاهرات السلمية عن الدراسة”.
العفو الدولية أكدت أن “الحق في الاحتجاج مهم جداً للتحدث بحرية عما يحدث الآن في غزة، خصوصاً مع استمرار الإدارة الأميركية بإمداد الجيش الإسرائيلي بالأسلحة”. وأشارت إلى أن الإدارة الأميركية “متواطئة بشكل متزايد في الفظائع التي تُرتكب ضد الفلسطينيين كل يوم”.
الأربعاء، حثت منظمة العفو في الولايات المتحدة إدارات الجامعات في أنحاء البلاد على “حماية وتسهيل حق جميع الطلاب في الاحتجاج السلمي والآمن أو الاحتجاج المضاد في حرمهم الجامعي”، وفق بيان لها.
وقال بول أوبراين، المدير التنفيذي للمنظمة بالولايات المتحدة، إنّ “مؤسسات التعليم العالي أساسية في مساعدة الطلاب على فهم حقوق الإنسان الخاصة بهم والمطالبة بها”. وأوضح أنّ “أي خطوات يتم اتخاذها لإسكات أو مضايقة أو تهديد أو تخويف من يتجمعون سلمياً للاحتجاج والتحدث علناً تُعَدّ انتهاكاً لحقوقهم”. وأضاف: “أن تكون طالباً لا يعني ترك حق الاحتجاج على أبواب الجامعة”.