تحاول دول الاتحاد الأوروبي وألمانيا بالتحديد باعتبارها اكبر مصنع للسيارات في القارة العجوز وبجهود حثيثة للسير نحو رؤية وضعتها لعام 2035 تهدف للقضاء على انبعاثات الكربون من سيارات الوقود الأحفوري بالكامل ما يعني حظر بيع السيارات التي تعمل بالبنزين أو الديزل والانتقال إلى السيارات الكهربائية، مع إمكانية السماح بالسيارات التي تعمل بالوقود الاصطناعي أو الهجينة.
وتأتي هذه الرؤية في وقت تعاني فيه أوروبا من أزمة طاقة حادة تحت وطأة الحرب الروسية الأوكرانية والقفزة الهائلة في أسعار الطاقة، وهو ما يثير تساؤلات حول مدى قدرة دول الاتحاد الأوروبي على الالتزام أو تنفيذ مثل هكذا مشروع .
وبحسب وسائل إعلام أوروبية يسعى الاتحاد الأوروبي لخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 100 بالمئة للسيارات والشاحنات بحلول عام 2035، إذ أن السيارات والقطارات مسؤولة عن حوالي 25 بالمئة من جميع انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في جميع دول قارة أوروبا .
تعهد قطاع السيارات الألمانية إلى أن من أهدافها الرئيسية توفير 15 مليون سيارة كهربائية بالكامل بأسعار منافسة على طرقات البلاد بحلول العام 2030 بعد قمة موسعة عقدت الاثنين الماضي بدعوة من المستشار "أولاف شولز "وحضور وزراء الاقتصاد والعمل والنقل والبيئة والمالية، إلى اتحادات صناعة السيارات ومورديها المحليين والأجانب وممثلي قطاعات أخرى كصناعة البطاريات وأشباه الموصلات .
وأوضح المتحدث باسم الحكومة شتيفان هيبيشترايت أن المشاركين رحبوا بالإجراءات الرامية إلى تعزيز قدرات إنتاج أشباه الموصلات والبطاريات.
وبيّنت شبكة "أن تي في" أن القمة حفلت بالعديد من النقاشات التي اتسمت بخشية من العواقب المحتملة لمحدودية ميزانية الحكومة الفيدرالية، من أن يضرب خطر وقف الدعم شركات صناعة السيارات، بعد أن كان من المفترض أن تمول الحكومة من صندوق المناخ والتحول تدابير السياسة الصناعية، ووسط الخشية لدى القيمين على قطاع صناعة السيارات من التخلف أكثر في مجال التنقل الإلكتروني.
قال وزير النقل الاتحادي فولكرفيسينغ في تصريح لصحيفة "هاندلسبلات": "يوجد حالياً 100 ألف نقطة شحن متاحة للعامة في ألمانيا، وهذا ضعف ما كان عليه الحال قبل عامين"، فيما أوضحت رئيسة اتحاد صناعة السيارات هيلدغارد مولر أن توريد وإنتاج المركبات لن يشكل عائقاً محتملاً أمام تحقيق هدف التحالف لكن المشكلة ترجع في المقام الأول إلى عدم وجود البنية التحتية للشحن وارتفاع أسعار الكهرباء".
وكان الرئيس التنفيذي لشركة "فولكسفاغن" أوليفر بلومه قد حذر سابقاً من أن أهداف الحكومة الفيدرالية بشأن السيارات الكهربائية ستفشل، مشيراً في تصريح لصحيفة "أوغسبورغر" إلى أن تكثيف التنقل بالسيارات الكهربائية في ألمانيا وأوروبا يسير أبطأ مما كان متوقعاً قبل بضع سنوات، والأسباب الرئيسية التي تعيق التطوير هي الظروف العامة السيئة مثل ارتفاع فواتير الكهرباء وحوافز شراء السيارات الكهربائية فضلاً عن النقص في محطات الشحن.
ويرى محللون واقتصاديون كثر أن هذه الرؤية قد تفشل ولن ترى النور استنادا لتطورات كبيرة طرأت على الساحة الأوروبية وفي تقرير سابق لوكالة بلومبرغ يظهر بالفعل أن تكلفة شحن سيارة تسلا الكهربائية موديل 3 مثلا الأكثر انتشارا في البلاد ارتفعت بنسبة 37 بالمئة منذ ديسمبر على خلفية الصعود الكبير في فواتير الكهرباء.
وفي ألمانيا أكبر اقتصاد في أوروبا والتي تخلصت بالكامل من محطاتها النووية نهاية العام الماضي فإنها قد تضطر لإعادة تشغيل محطات الطاقة التي تعمل بالفحم من أجل تعويض النقص في إمدادات الغاز الروسية، والذي تعتمد عليه في تدبير أكثر من ثلث احتياجاتها من الغاز.
وفرنسا أيضا ليست بعيدة عن الأزمة حيث أن الشركات المنتجة للطاقة حثت على ترشيد استهلاك الكهرباء والغاز على الفور وسط تصاعد المخاوف بشأن نقص الإمدادات من روسيا.
ولعل توقعات أغلب المراقبين للاقتصاد الاوروبي تؤكد أن مايجري اليوم و المشاكل المتفاقمة خصوصا على الساحة الأوكرانية تجعل نجاح هذه الرؤية أمرا صعبا للغاية وقد يواجه كثير من العقبات بالاشارة إلى الأزمة الاقتصادية الحادة التي تعيشها الدول الأوربية وهي بأمس الحاجة للكهرباء والطاقة لتوفير احتياجات شعب القارة العجوز .