(عن الحرة)
كشف مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، تواجد "تعاون وثيق بين حزب الله والحرس الثوري الإيراني وتنظيم داعش الإرهابي على الأراضي السورية".
وأوضح في اتصال هاتفي مع موقع "الحرة" أن تحقيقات استقصائية أجراها المرصد أظهرت "تواجد تنسيق على مستويات عالية بين الميليشيات الإيرانية مع داعش، بحيث تقوم هذه الميليشيات نيابة عن الحرس الثوري بتزويد معلومات للتنظيم الإرهابي مقابل عدم اعتراض قوافل نقل وتهريب السلاح التي تجري على الأراضي السورية".
وأشار إلى أن بيانات المرصد أظهرت تراجع استهداف تنظيم داعش للمليشيات الإيرانية، منذ منتصف عام 2021، على عكس ما كانت سابقا، وهو ما دفع بالتحقيق بشكل أكبر في أسباب هذا الأمر.
وعلى سبيل المثال، نفذت عناصر تنظيم داعش 100 عملية استهدفت فيها قوات التحالف وقوات سوريا الديمقراطية وقوات النظام السوري منذ بداية العام الحالي، لكنها لم تستهدف أيا من الميليشيات الإيرانية على الإطلاق، وسجلت حادثة يتوقع أنها كانت بتعامل فردي قتل فيها 6 عناصر من ميليشيات فاطميون الموالية لطهران، بحسب مدير المرصد السوري.
وأضاف أن المرصد سينشر أربعة تحقيقات تظهر "طبيعة التعاون بين مثلث يمثل حزب الله والحرس الثوري الإيراني وتنظيم داعش".
"منفعة متبادلة"
انتشار كبير لمليشيات إيرانية داخل سوريا. أرشيفية
ويظهر "التعاون السري" بشكل كبير بين داعش وإيران، والذي بدأ في منتصف 2021، بحسب تحقيق للمرصد إذ "يرى الحرس الثوري الإيراني أنه رغم وجود خلاف عقائدي مع داعش إلا أن هذا لا يعني استمرار حالة العداء"، وفق عبدالرحمن.
وأضاف أن إيران كانت تريد من تنظيم داعش كف يدهم عن مهاجمة قوافلهم التي تعبر سوريا، خاصة تلك التي تقوم بتهريب السلاح لحزب الله.
ولا تزال خلايا للتنظيم مختبئة في أماكن جبلية نائية في سوريا، تنفذ هجمات بين الحين والآخر تستهدف نقاطا للقوات الكردية وحلفائها وأخرى لقوات النظام السوري.
وكتعبير عن "حسن النوايا والتعاون، قام الحرس الثوري بتزويد داعش بمعلومات استخباراتية هامة، وفي بعض الأحيان أرشدهم إلى أماكن حيوية يمكن استهدافها" بحسب عبدالرحمن، وزاد أن "الميليشات الإيرانية كان تسهل عمليات مرور وتهريب عناصر داعش، بما فيها توفير الغطاء لبعض قادة التنظيم للتنقل بحرية من منطقة إلى أخرى داخل الأراضي السورية".
أوجه التعاون
وقال عبدالرحمن إن "المرصد السوري" توصل لتسريبات من أحد القياديين التابعين لحزب الله وهو يتحدث عن أوجه التعاون بين الحرس الثوري وحزب الله وداعش.
واستعرض المرصد أوجه التعاون بين الجانبين، سواء بتوفير المعلومات الاستخباراتية أو التزويد بالدعم والحماية والطرق للتنقل، ناهيك عن وقف مهاجمة القوافل الإيرانية.
وقال المرصد السوري في النسخة الأولى من التحقيق الذي نشره على موقعه إن "المفاوضات" بين الميليشيات الإيرانية وداعش بدأت، في مايو من عام 2021، إذ أرسلت قيادة الحرس الثوري برقية باللغة الفارسية إلى وحدة أمنية موالية لها تطالبها بإيجاد طريقة للتواصل مع داعش من خلال وجهاء القبائل في المنطقة.
وأشار إلى أن المليشيات الإيرانية استعانت بشيخ قبيلة "له تاريخ طويل من التوسط في الصفقات بين الميليشيات الإيرانية وداعش"، وذكر أنه يلقب بـ "عرّاب المفاوضات".
وأرسل الحرس الثوري الإيراني شيخ القبيلة برفقة قائد فرع الأمن العسكري في دير الزور من أجل مقابلة ممثل تنظيم داعش الذي يعرف باسم "أبو البراء"، حيث تباحثوا في سبل "تحقيق المصالح المتبادلة"، وذكر أن "العرّاب" عرض عليهم "توفير الأسلحة والذخيرة وتأمين مرورهم لمناطق قوات سوريا الديمقراطية، مقابل الحد من الهجمات على قوافل المليشيات الإيرانية".
وكانت تتعرض قوافل الميليشيات الإيرانية، خاصة في بادية محافظة دير الزور للهجمات بشكل كبير وفق المرصد.
وفي اجتماع ثان، طلب ممثل داعش توفير الحرس الثوري الإيراني بمعلومات تفصيلية حول سجن غويران الذي يضم العديد من السجناء من قيادة وعناصر التنظيم، ووضعت خططا للتعاون والحفاظ على الحوار المستمر بين الجانبين، بحسب ما ذكره تحقيق المرصد.
وفي أواخر عام 2022، نفذ التنظيم عملية الهجوم على "سجن غويران" الذي تشرف عليه القوات الكردية، والتي أسفرت عن مقتل ستة من قوات الأمن.
وحذرت بعدها قوات سوريا الديمقراطية من أن التنظيم يحاول، بعد ثلاثة أعوام من القضاء على "دولة الخلافة" التي أرساها، إعادة تنظيم صفوفه، محذرة من تداعيات "تقاعس" المجتمع الدولي عن تقديم الدعم اللازم لمنع ذلك، بحسب تقرير لوكالة فرانس برس.
ويستمر التعاون بين الحرس الثوري وداعش منذ ذلك الحين، والتي كان آخرها تزويدهم بمعلومات استخباراتية بأن التحالف الدولي وقوات سوريات الديمقراطية ينفذان حملة أمنية، في منتصف عام 2023، ضمن مناطق شرق الفرات وهو ما دفع التنظيم إلى سحب عناصر من تلك المنطقة.
ووثق المرصد قيام داعش، خلال عام 2022، بأكثر من 200 عملية تسببت بمقتل 307 أشخاص، بينهم 58 مدنيا وطفل وامرأتان، و249 شخصا من قوات سوريا الديمقراطية وقوى الأمن الداخلي.
ومني التنظيم بضربة موجعة مع إعلان واشنطن، في فبراير عام 2022، مقتل زعيمه، أبو إبراهيم القرشي، في عملية خاصة نفذتها القوات الأميركية في شمال غربي سوريا. وبعد شهر تقريبا، أعلن التنظيم مبايعة أبو الحسن الهاشمي القرشي زعيما له.