رياض معسعس
كانت بنفسج تحت سقف خيمتها في مخيم اللاجئين، وقد بلغت سن السؤال، سألت أمها: أين بابا؟ حارت الأم جوابا. هل تقول لها إن أباها مات تحت التعذيب في سجون النظام وهي لم تبلغ بعد سن الفطام. وهربت معها إلى لبنان لتعيشا في هذا المخيم.
ـ بابا صعد إلى السماء.
ـ ماذا يفعل في السماء؟
ـ مات شهيدا وصعدت روحه إلى السماء
ـ له قبر في السماء؟
ـ لا في الجنة لا يوجد قبور، وأبوك في الجنة
ـ هل يعيش تحت خيمة؟
ـ لا يا حبيبتي في الجنة لا يوجد خيام.
ـ إذا مت سأذهب إلى الجنة؟
ـ نعم الأطفال يذهبون إلى الجنة
ـ أريد أن أموت إذن لأرى بابا، ولا أعيش في خيمة.
نفرت من الأم دمعة لم تقو على حبسها.
ـ ستذهبين إلى الجنة بعد عمر طويل.
خارج المخيم كانت بلدوزرات بأنياب، وأذرع طويلة للجيش تجرف الخيام بمن فيها، كأن ساكنيها حيوانات موبوءة. وصلت إلى خيمة بنفسج
اقتلعت أوتادها، ورمت محتوياتها وطحنتها تحت مجنزراتها.
استلقت بنفسج على الأرض، ألصقت وجهها بالتراب، حلمت ببيت في الجنة مع أمها وأبيها، ونادت في سرها: بابا انتظرني أنا لاحقة بك.
في اليوم التالي جفت مآقي الأم، وهي تسجي بنفسج في قبرها وكأنها تضعها في سرير قبل نوم طويل، وضعت معها وردة حمراء وقالت: اهدها لأبيك في الجنة.