تلجأ النساء في محافظة إدلب، للبحث عن فرص عمل جديدة مع ارتفاع نسبة البطالة وقلة الأجور، حيث وجدن في افتتاح المشاريع الصغيرة فرص عمل ملائمة تغنيهن عن العمل الشاق وتضمن لهن دخلاً يساعدهن في تأمين مستلزماتهن الاقتصادية والمعيشية.
تعمل رغداء الحسين (33عاما) وهي نازحة في مدينة الدانا شمال إدلب، ساعات طويلة في مشروعها الذي افتتحته مؤخرا برفقة صديقاتها بعد أن يأست من إيجاد فرصة عمل ملائمة تحقق من خلالها دخلا يغنيها وأطفالها عن الحاجة والعوز لأحد، وهو ما دفعها للبحث عن فرص بديلة لإعالة أطفالها الثلاثة، بعد مقتل زوجها منذ أكثر من ثلاث سنوات بعد مشاركته بالقتال إلى جانب فصائل المعارضة.
وبدأت الحسين مشروعها مع بداية موسم التين العام الماضي، وهو عبارة عن مشروع ورشة صغيرة لكبس التين المجفف حيث اعتمدت على رأس مال ذاتي وبسيط "700$ أمريكي"، إذ بات العديد من التجار يتوافدون إليها لكبس محاصيلهم وفرزها وتحضيرها للبيع والتصدير.
ويعملن النساء في "الورشة" على فرز حبات التين تبعا للنوع والجودة، وبعدها يدخل المنتج لفترة معينة بالماء المغلي المملح لغسله من الشوائب، ثم توضع ثمار التين في قوالب بلاستيكية لتجفيفه وتعقيمه وتبيضه، لتدخل المرحلة الأخيرة في عملية "الكبس والتعليب" ليصبح جاهزا للتسويق، وفقا للسيدة "الحسين".
ودفعت ظروف الحرب القائمة وما رافقها من بطالة وقلة فرص العمل بالإضافة للحالة المعيشية والاقتصادية الصعبة التي تمر بها العديد من النساء في محافظة إدلب، بعض المعيلات لافتتاح مشاريع صغيرة في مجالات الصناعات البسيطة والتي لا تحتاج لرؤوس أموال كبيرة كـ "المؤنة المنزلية، والتين المجفف، الألبان والأجبان" والتي تكون في معظمها مشاريع ذاتية تعتمد على جهد العاملات وحرفيتهن.
وكانت سمر ريحاني (35عاماً) وهي نازحة في مدينة سرمدا شمال إدلب، تتقاضى مبلغ 15 ليرة تركية يومياً في أحد معامل الألبان والأجبان قبل أن تفتتح ورشتها الصناعية التي تنتج جميع مشتقات الحليب، لتعتمد بذلك على عملها في مشروعها الجديد في تحسين ظروفها المعيشية والاقتصادية.
تقول سمر إنها أتقنت هذه الحرفة بعد عمل استمر قرابة السنتين في صناعة الألبان والأجبان عند أرباب العمل، وهو ما دفعها لإطلاق مشروعها الجديد الذي بات يلقى إقبال جيد بعد قرابة شهرين فقط على افتتاحه.
تضيف الشابة أنها وجدت في مشروعها مردوداً يعينها على "قسوة الحياة" في تأمين مستلزماتها الأساسية والإنفاق على أولادها الذين عادوا إلى المدرسة بعد انقطاعهم عنها لأكثر من عامين، إضافة لكونها استطاعت من خلال هذا المشروع تأمين فرص عمل للعديد من النساء النازحات والمعيلات ممن تقطعت بهن السبل.
بدورها تشيد أم محمد (40عاماً) وهي من سكان مدينة إدلب بدور هذه الورشات في التخلص من المنتجات التجارية والتي غالباً ما تكون بضائعها ذات جودة منخفضة، مشيرة إلى أنها باتت تعتمد على شراء كافة مستلزماتها من "موؤن، وألبان وأجبان" من هذه الورشات نظراً لجودتها وانخفاض سعرها مقارنة مع بضائع المعامل والشركات.
أما راما الجويد (25عاما) وهي نازحة من ريف حماة الشمالي تعمل في منزلها وبالقرب من أطفالها الصغار بإعداد "المؤونة المنزلية" وذلك بعد أن حضرت دورة مهنية وتدريبية في إحدى منظمات المجتمع المدني، أتقنت خلالها العمل في تحضير المؤونة الشتوية بعد أن كانت تنتظر السلة الإغاثية التي تقدمها المنظمات الإنسانية.
تقول الجويد إن حياتها أصبحت أكثر متعة بعد أن باتت تعمل وتعتمد على نفسها في تأمين لقمة عيشها بعد أن اعتقل زوجها قبل خمس سنوات على أحد الحواجز الأمنية التابعة للنظام، إذ أنها باتت دون معيل ينفق عليها وعلى طفليها.
وعن الصعوبات التي تواجهها تضيف الشابة أنها تجد صعوبة في تسويق عملها نظرا للإقبال الضعيف نتيجة غلاء أسعار المواد الغذائية والتي تعد ركيزة أساسية في عملها، ولكن يبقى عملها الجديد أفضل من "لا شيء" على حد وصفها.
ووصلت نسبة البطالة في شمال غرب سوريا إلى 98% بحسب إحصائية لفريق منسقو استجابة سوريا.
من جهته أكد راغد الصطيف (39عاما) "اسم مستعار" لعضو في أحد المجالس المحلية في إدلب على ضرورة دعم مثل هذه المشاريع كونها تؤهل النساء في أن يكن عضوا فعال في المجتمع، مضيفا إلى ضرورة كسر النظرة الدونية والنمطية التي ينظرها المجتمع المحلي في إدلب للنساء العاملات على اعتبار أن المرأة لا تصلح سوى لتربية الأولاد والمنزل، إذ أن هذه المشاريع من شأنها أن تسهم في الحركة الاقتصادية والصناعية في محافظة إدلب.