2026 في ميزان الصراع السوري–الإقليمي: بين خطاب الوحدة الكردية وضغوط الدمج

بثينة الخليل
الاثنين, 22 ديسمبر - 2025
أسوشيتد برس-أرشيف
أسوشيتد برس-أرشيف

أعاد قائد قوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي، تسليط الضوء على مستقبل القضية الكردية في المنطقة، بعد تصريحاته التي قال فيها إن عام 2026 سيكون “عام الوحدة الكردية” في الدول الأربع التي يتوزع فيها الأكراد، معتبرًا أن المرحلة المقبلة تمثل بداية جديدة للمشروع السياسي الكردي.


وتأتي هذه التصريحات في وقت تشهد فيه الساحة السورية ضغوطًا متزايدة لتنفيذ اتفاق 10 مارس الموقع بين الحكومة السورية و”قسد”، والذي ينص على دمج مناطق شمال وشرق سوريا ضمن مؤسسات الدولة.


رسائل سياسية متعددة الاتجاهات

لم يقتصر خطاب عبدي على الشأن السوري الداخلي، إذ تحدث عن “كونفدرالية وطنية كردية” ووحدة بين “الأجزاء الأربعة” للشعب الكردي، في إشارة إلى الأكراد في سوريا وتركيا والعراق وإيران.


وقال عبدي إن “الحديث عن نهاية قوات سوريا الديمقراطية ومشروع روج آفا غير دقيق”، معتبرًا أن المرحلة المقبلة ستشهد تثبيت حقوق الأكراد وأراضيهم ضمن الدستور.


ويرى مراقبون أن هذه التصريحات تهدف إلى تعزيز الموقع التفاوضي لـ”قسد” في ظل النقاشات الجارية حول مستقبل مناطق سيطرتها.


نشأة “قسد” والإدارة الذاتية

تأسست قوات سوريا الديمقراطية في تشرين الأول/أكتوبر 2015، كتحالف عسكري يضم فصائل كردية وعربية وسريانية، بدعم من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، في إطار الحرب ضد تنظيم “داعش”.


وخلال السنوات اللاحقة، فرضت “قسد” سيطرتها على مساحات واسعة في شمال وشرق سوريا، شملت محافظة الحسكة وأجزاء من الرقة ودير الزور، عقب معارك انتهت بسقوط آخر معاقل تنظيم “داعش” في الباغوز عام 2019.


وبالتوازي مع ذلك، أُعلن عن تأسيس “الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا” لإدارة المناطق الخاضعة لسيطرة “قسد”، وفق نموذج حكم محلي ذي طابع لامركزي، يقوم على المجالس المحلية والتمثيل المشترك للمكونات.


ورغم بناء مؤسسات خدمية وأمنية، لم تحظَ الإدارة الذاتية باعتراف رسمي من دمشق أو المجتمع الدولي، كما واجهت رفضًا تركيًا، إذ تعتبرها أنقرة امتدادًا لحزب العمال الكردستاني.


اتفاق مارس موضع خلاف

في المقابل، قالت أنقرة إن اتفاق 10 مارس بين الحكومة السورية و”قسد” لم يُترجم إلى خطوات عملية. وصرّح وزير الدفاع التركي يشار غولر بأن الاتفاق أُعدّ على أساس مبدأ “دولة واحدة وجيش واحد”، لكنه لم ينعكس فعليًا على الأرض.


وأضاف غولر، في تصريحات نقلتها وكالة أنباء الأناضول، أن بلاده تدعو إلى وضع خريطة طريق واضحة وجدول زمني ملزم لدمج “قسد” في الجيش السوري.


الشروط التركية

وأكد وزير الدفاع التركي أن عملية الدمج يجب أن تتم بعد فصل “قسد” عن “العناصر الإرهابية”، وتخليها عن الخطاب الانفصالي واللامركزي، مع الالتزام بالسلطة المركزية في دمشق، وإنهاء أي هياكل أمنية موازية.


وتعكس هذه الشروط موقف أنقرة الرافض لأي كيان كردي مستقل سياسيًا أو عسكريًا على حدودها الجنوبية.


مرحلة مفتوحة على الاحتمالات

في ظل تباين المواقف بين “قسد” وتركيا ودمشق، يبقى اتفاق مارس موضع تجاذب سياسي. وتسعى دمشق إلى استعادة السيطرة الكاملة على الأراضي السورية، فيما تحاول “قسد” الحفاظ على مكاسبها، وتواصل أنقرة الضغط لمنع أي صيغة حكم ذاتي كردي.


ويرجّح مراقبون أن المرحلة المقبلة ستشهد استمرار الضغوط السياسية والمفاوضات غير المعلنة، وسط تساؤلات حول ما إذا كان عام 2026 سيشكل محطة حاسمة في مسار القضية الكردية، أم امتدادًا لصراع لم تُحسم ملامحه بعد