توغّلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، أمس الجمعة، في عدد من قرى ريف القنيطرة الجنوبي والشمالي، متقدمة داخل المنطقة العازلة، حيث أقامت حواجز مؤقتة، بالتزامن مع استمرار أعمال مشروعها العسكري «سوفا 53» الذي يمتد داخل الأراضي السورية بمحاذاة الجولان المحتل.
وتأتي هذه التحركات، حسب مصادر مطلعة لـ «القدس العربي»، ضمن مسار توسّعي بلغ مراحل متقدمة شملت شق طرق محصنة وسواتر ترابية ونقاط مراقبة، في خرق واضح لاتفاقية فصل القوات لعام 1974.
توغل إسرائيلي
مصادر أهلية من القنيطرة قالت لـ «القدس العربي» إن قوات الاحتلال توغلت الجمعة في قرى السعايدة والعجرف وأوفانيا في ريف القنيطرة، حيث نصبت حاجزا على طريق أوفانيا ـ جباتا الخشب، ومنعت الأهالي من المرور في تلك المنطقة في ريف القنيطرة جنوب سوريا.
الناشطة الميدانية سلام هاروني تحدثت لـ «القدس العربي» عن نشاط مكثف لقوات الاحتلال، حيث جاء التوغل في قرى السعايدة والعجرف وأوفانيا غداة عملية مماثلة، اقتحمت خلالها 7 سيارات عسكرية، ليلا، قرية الرفيد ومكثت قرب مفرزة عسكرية قديمة نحو ساعة.
وحسب المصدر، فإن قوات الاحتلال عملت خلال ساعات الليل على تشغيل سرب من طائرات الدرون في أجواء قرية الرفيد، دون تكشف الأسباب.
وبيّن المصدر أن التحرك الإسرائيلي اليومي، يترافق مع أعمال الحفريات الخاصة بمشروع «سوفا» الذي وصل حتى قرية كودنا والعشة أقصى جنوب المحافظة.
وقالت هاروني: باشرت سلطات الاحتلال منذ منتصف عام 2022 تنفيذ مشروعها العسكري المسمى سوفا 53 الذي انطلقت أعماله من أطراف بلدة حضر في ريف القنيطرة، في اتجاه قرى جباثا الخشب الحميدية القحطانية رويحينة بئر عجم بريقة والعشة وصولا إلى المثلث الحدودي في أقصى جنوب محافظة القنيطرة، ضمن خطة تهدف إلى إنشاء طريق عسكري يمتد داخل الأراضي السورية بمحاذاة الجولان المحتل.
وحسب المصدر، فإن أعمال المشروع توسعت وتضمنت عدة مراحل، شملت شق طريق محصن بعرض يقارب ثمانية أمتار يتضمن سواتر ترابية وخنادق ونقاط مراقبة تمتد على طول المسار داخل المنطقة العازلة، في انتهاك واضح لاتفاقية فصل القوات الموقعة عام 1974.
وتابعت هاروني: تسارعت وتيرة العمل في المشروع مع نهاية عام 2024 عقب انهيار النظام السابق في مناطق الجنوب، حيث استغلت سلطات الاحتلال حالة الفراغ الأمني لإعادة إحياء المشروع وتوسيعه تحت ذرائع أمنية، في حين أن الهدف الفعلي يتمثل بفرض واقع ميداني جديد وتوسيع نطاق السيطرة داخل الأراضي السورية.
وتفيد المعطيات الميدانية حسب مصادر عسكرية مطلعة فضلت حجب هويتها لـ «القدس العربي» بأن التوغل الإسرائيلي في المنطقة العازلة تراوح بين ثلاثمئة متر في عدة مواقع ولا سيما في محيط قرى حضر وجباثا الخشب وبئر عجم، مما أدى إلى الاستيلاء على مساحات زراعية واسعة وتدمير الغطاء النباتي بشكل شبه كامل بما في ذلك المراعي والأشجار البرية التي كانت تشكل مصدر رزق رئيسيا للسكان المحليين.
يتضمن شقّ طريق محصّن وسواتر ترابية وخنادق ونقاط مراقبة
كما أن عمليات التجريف والتمهيد «حدت من قدرة الأهالي على الوصول إلى أراضيهم ومصادر معيشتهم، حيث تشهد المنطقة بين الحين والآخر انفجارات متفرقة نتيجة وجود ألغام فردية داخل المنطقة العازلة تنفجر أثناء أعمال التجريف التي تنفذها آليات الاحتلال.
ويأتي مشروع «سوفا 53 «في إطار خطة إسرائيلية أشمل ترمي إلى ترسيم حدود أمنية ميدانية داخل الأراضي السورية من خلال إنشاء طريق عسكري يمتد من الشمال إلى الجنوب مزود بنقاط مراقبة وتمركز.
في غضون ذلك، أفاد مراسل وكالة الأنباء الرسمية «سانا» الجمعة، بأن قوة تابعة للاحتلال مؤلفة من أربع آليات عسكرية، توغلت في قريتي السعايدة والعجرف حيث تمركزت لفترة وجيزة على الطريق الرئيسي الواصل بين العجرف وأم باطنة قبل أن تنسحب عائدة إلى موقع انطلاقها في العدنانية.
كما توغلت قوة للاحتلال مؤلفة من أربع سيارات عسكرية في قرية أوفانيا في ريف القنيطرة الشمالي. حيث اقتحمت «قوة للاحتلال مكونة من أربع سيارات عسكرية توغلت في قرية أوفانيا، وأقامت حاجزاً بينها وبين بلدة خان أرنبة، وقامت بتفتيش السيارات والمارة. كما توغّلت قوات الاحتلال أمس في قرية رويحينة في ريف القنيطرة الجنوبي» حسب «سانا».
ويواصل الاحتلال الإسرائيلي اعتداءاته على الأراضي السورية في خرق لاتفاقية فصل القوات لعام 1974 وللقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة. وتدين سوريا هذه الاعتداءات، وتطالب المجتمع الدولي بإجراءات عاجلة لوقفها.
وتواجه الحكومة السورية الانتقالية، حسب تقرير لـ «الشبكة السورية لحقوق الإنسان»، ضرورة حتمية للتصدّي للاعتداءات الإسرائيلية المتكرّرة عبر تبنّي حراك دبلوماسي نشط ومتعدّد المستويات.
وشددت أنه على سوريا طلب عقد اجتماع عاجل لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري لاستصدار موقف عربي موحد يدين العدوان ويدعم الحقوق السورية المشروعة، فضلا عن تحرك دبلوماسي نشط تجاه الاتحاد الأوروبي.
كما يتوجب على دمشق، حسب المصدر «تفعيل التحالفات مع القوى الدولية المناهضة للاحتلال، واللجوء إلى المنظّمات الأممية المتخصّصة كمحكمة العدل الدولية، والمفوضية السامية لحقوق الإنسان، بهدف تعزيز الشرعية السورية وكشف ممارسات الاحتلال الإسرائيلي أمام الرأي العام العالمي، وحشد الدعم الدولي لحماية سيادة سورية ووحدة أراضيها».
مسؤولية المجتمع الدولي
ويتحمل المجتمع الدولي وفقا للمصدر «بموجب قواعد القانون الدولي، مسؤوليات واضحة في سياق الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا، من بينها ضمان احترام سيادة سوريا وسلامة أراضيها، وتوفير الحماية للمدنيين المتأثرين بالنزاع. فعلى الأمم المتحدة أن تعيد النظر في دورها الرقابي عبر إصلاح قوة الأندوف أو إنشاء بعثة جديدة بولاية موسعة، إلى جانب تطوير آلية إنسانية مستقلة تضمن وصول المساعدات دون عوائق. كما تبرز ضرورة طلب رأي استشاري من محكمة العدل الدولية بشأن الوضع القانوني للجولان السوري المحتل، في خطوة نحو توضيح التزامات إسرائيل الدولية».
كما «تتحمل الولايات المتحدة مسؤولية مزدوجة بصفتها حليفًا رئيسيًا لإسرائيل وعضوًا دائمًا في مجلس الأمن. ويجب أن تُربط مساعداتها العسكرية لإسرائيل باحترام القانون الدولي، بما في ذلك الامتناع عن أي ممارسات استيطانية أو انتهاك لسيادة سوريا. كما يُنتظر منها دعم الانخراط الدبلوماسي مع الحكومة السورية الانتقالية والعمل على صياغة إطار أمني إقليمي متوازن.
أما الاتحاد الأوروبي، فيُتوقع منه تعزيز المسار الدبلوماسي من خلال استضافة حوارات غير رسمية بين خبراء من الطرفين، إلى جانب الضغط السياسي والاقتصادي لضمان امتثال إسرائيل للقانون الدولي. وفي السياق الإقليمي، تقع على عاتق تركيا مسؤولية استثمار علاقاتها مع الجانبين لتخفيف التوتر، بينما يُنتظر من الدول العربية أداء دور داعم لاستعادة سيادة سوريا، سياسيًا واقتصاديًا، وربما عسكريًا في مراحل لاحقة»، وفق المصدر