لجنة قانونية معينة من الهجري ترفض «خريطة الحل» في السويداء

الخميس, 18 سبتمبر - 2025
الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط يستقبل المبعوث الأمريكي إلى سوريا توماس باراك
الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط يستقبل المبعوث الأمريكي إلى سوريا توماس باراك

(عن القدس العربي)
أعلنت «اللجنة القانونية العليا في السويداء»، التي عينها الزعيم الروحي للطائفة الدرزية، الشيخ حكمت الهجري، رفضها لبيان وزارة الخارجية السورية الأخير حول «خريطة الطريق لحل أزمة السويداء»،بعدما حظيت المبادرة نفسها بترحيب إقليمي ودولي واسع.
ووقع وزيرا خارجية سوريا والأردن، أسعد الشيباني وأيمن الصفدي، والمبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا توماس باراك، الإثنين اتفاقا حول محافظة السويداء يتضمن خريطة طريق مدعومة من عمّان وواشنطن، عقب ثالث اجتماع بين الأطراف الثلاثة منذ يوليو/ تموز الماضي.
ووفق الشيباني، تتألف خريطة طريق من 6 خطوات للحل في محافظة السويداء جنوب البلاد تكفل الحقوق وتدعم العدالة وتعزز الصلح المجتمعي وتفتح الطريق أمام تضميد الجراح، وتقوم على خطوات عملية بدعم الأردن والولايات المتحدة أولها محاسبة كل من اعتدى على المدنيين وممتلكاتهم وبالتنسيق الكامل مع المنظومة الأممية للتحقيق والتقصي».
ورفضت اللجنة القانونية العليا في السويداء بيان الخارجية حول «خارطة الطريق لحل أزمة السويداء»، معتبرة أن مضمون بيان الخارجية السورية فيه تناقض صارخ حيث «أشار البيان إلى دعوة لجنة التحقيق الدولية المستقلة الخاصة بسوريا، لكنه عاد ليؤكد أن المحاسبة ستتم وفق القانون السوري. نحن نرى أن هذا التناقض يُفرغ التحقيق الدولي من مضمونه، إذ لا يُعقل أن يكون المتهم هو ذاته القاضي. فالعدالة الدولية تستند إلى مبدأ الاستقلالية والحياد، ولا يمكن القبول باختزالها في قنوات محلية فقدت منذ زمن بعيد أي شرعية أو ثقة».
واعتبرت أن «البيان صوّر الحكومة السورية كطرف محايد يسعى إلى المصالحة، في حين أن الحكومة وأجهزتها الأمنية والعسكرية كانت شريكا مباشرا في المجازر والانتهاكات التي طالت آلاف المدنيين بين قتلى ومفقودين ومختطفين. إن إنكار المسؤولية لا يفتح طريقا للمصالحة، بل يكرّس سياسة الإفلات من العقاب».
وبرأي اللجنة فإن البيان أكد على انعدام الثقة بالقضاء الوطني، حيث «أثبتت التجربة أن الأجهزة القضائية السورية مسيّسة وتابعة للسلطة التنفيذية، وغير قادرة على توفير أي ضمانات لمحاكمات عادلة. وعليه، فإن أي حديث عن محاسبة عبر القانون السوري لا يُعدو كونه واجهة شكلية لتبييض الجرائم».
ولفتت إلى ما وصفتها بـ «محاولات التفتيت الداخلي من خلال الحديث عن مجالس محلية وقوات شرطية مشتركة، وهو ما نفسره على أنه محاولة فرض وصاية جديدة على السويداء وزرع الفتنة بين أبنائها عبر الدفع بأسماء فقدت الشرعية المجتمعية وخانت قضايا أهلها. ونؤكد في هذا السياق أن هذا النهج المفضوح لن يُفضي إلا إلى تعميق الانقسام الداخلي».
كما أكدت على «الحق في تقرير المصير، إذ أن الجرائم المرتكبة في السويداء، وما سبقها من عقود من التهميش والحرمان والإقصاء، تشكل أسباباً وجيهة للمطالبة بالحق في تقرير المصير. وبناءً عليه، فإن لأبناء السويداء الحق القانوني والأخلاقي في تقرير مصيرهم بحرية واستقلال، سواء عبر الإدارة الذاتية أو الانفصال، باعتباره الخيار الأخير المتاح لضمان أمنهم وكرامتهم ووجودهم».
ودعت المجتمع الدولي وكافة الأطراف الدولية إلى:» عدم الاعتراف بأي ترتيبات تُفرض قسراً على أهالي السويداء، وضمان تحقيق مستقل وآليات محاسبة دولية بعيداً عن هيمنة الحكومة السورية، ودعم حق أبناء السويداء في تقرير مصيرهم، وفقاً للمواثيق الدولية ومبدأ عدم الإفلات من العقاب»، مشددة على أن «مستقبل السويداء يقرره أبناؤها وحدهم، لا عبر بيانات تُصاغ في دمشق أو تفاهمات خارجية».
واختتمت اللجنة القانونية بيانها بإعلان الرفض «بشكل قاطع لبيان وزارة الخارجية السورية»، مؤكدة أن «ما جرى في تموز/يوليو 2025 لم يكن أحداثاً مؤسفة كما ورد في البيان، بل جرائم ضد الإنسانية مكتملة الأركان. وأن مواجهة هذه الجرائم لا تكون عبر مسرحيات قضائية محلية، بل عبر مسار دولي شفاف يفضي إلى محاسبة الجناة وضمان حق شعب السويداء في الحرية وتقرير المصير».
وأكدّ براك، الأربعاء، أهمية خريطة طريق حل الأزمة في السويداء، في بناء مستقبل سوريا بما يضمن المساواة بين جميع السّوريين.
وقال في تدوينة على منصة «إكس»: «المصالحة تبدأ بخطوة واحدة، وخارطة الطريق لا ترسم مساراً للتعافي فحسب، بل مسارا يمكن للأجيال القادمة من السوريين أن تسلكه، وهم يبنون وطناً يتمتع بالمساواة في الحقوق والواجبات بين الجميع».
وحضر ملف السويداء على ما يبدو خلال لقاء جمع براك مع الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط في بيروت.
وكتب عقب لقاء جنبلاط مرفقا صورته مع الزعيم الدرزي: «جزيل الشكر لوليد جنبلاط على حكمته ومكانته الاستثنائية في توحيد الرؤى المشتركة لزعماء الطائفة الدرزية الكرام، الذين يعيشون ضمن حدود وخطوط من صنع الإنسان، لكنهم مع ذلك متمسكون بإله لا تحدّه حدود ولا قيود. إنّ المجتمع الدرزي قادر على الازدهار كجزء من سوريا واحدة، وفي إطار من التسامح والتعاون مع أشقائه الدروز في المنطقة، الذين يعيشون بدورهم ضمن دولهم الوطنية لكنهم يتقاسمون الإيمان بإله واحد، وهذا هدف مشترك لجميع الأطراف المعنية».
كما كتب نجل جنبلاط، النائب تيمور جنبلاط عبر حسابه على منصة «إكس»، أنّه وفريقه «مستمرون في القيام بواجبنا دون ضجيج، لأجل المصالحة الوطنية صوناً لكرامة أهلنا في جبل العرب». وتحظى خريطة الطريق الحكومية، بدعم عربي وإقليمي، إذ رحب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط باعتماد خريطة الطريق لحل الأزمة في محافظة السويداء على أساس وحدة الأراضي السورية، مؤكداً أنها تمثل خطوة مهمة على طريق استقرار الأوضاع في جنوب سوريا. وشدد جمال رشدي المتحدث باسم أبو الغيط في بيان، على أهمية ما جاء في خريطة الطريق، من أن محافظة السويداء جزء أصيل من سوريا ولا مستقبل لها خارجها، وأن كل المواطنين السوريين متساوون في الحقوق والواجبات في دولتهم.
كذلك، رحبت دولة قطر بخريطة الطريق لحل الأزمة في السويداء وتعزيز الاستقرار في جنوب سوريا.
وأشارت وزارة الخارجية القطرية في بيان نشرته الأربعاء، عبر منصة إكس، إلى أن دولة قطر تعد خريطة الطريق، خطوة مهمة تترجم الإرادة الجماعية لبناء مستقبل سوريا الجديدة وتوطيد الأمن والسلم في المنطقة.
وأكدت في بيانها، دعم دولة قطر الكامل لكل الجهود الإقليمية والدولية الرامية الى تعزيز الاستقرار في سوريا، بما في ذلك ترسيخ السلم الأهلي والمصالحة الوطنية، وتحقيق المساءلة والعدالة وحماية المدنيين، وبناء دولة المؤسسات والقانون وضمان مشاركة كل أطياف الشعب السوري في رسم مستقبل البلاد.
وجدد البيان، موقف دولة قطر الداعم لسيادة سوريا واستقلالها ووحدتها وسلامة أراضيها وتطلعات شعبها في التنمية والازدهار.
وأيضا، رحبت المملكة العربية السعودية بإعلان سوريا اعتماد خريطة طريق لحل الأزمة في محافظة السويداء، مؤكدة دعمها لكل ما يحقق أمنها واستقرارها ويحافظ على مقدراتها ووحدة أراضيها.
وجاء في بيان لوزارة الخارجية السعودية على حسابها في منصة إكس: تجدد المملكة العربية السعودية، دعمها لكل الخطوات التي تتخذها سوريا بما يحقق أمنها واستقرارها، ويحافظ على مقدراتها ووحدة أراضيها، ويساهم في بناء مؤسسات الدولة وتطبيق القانون، بما يلبي تطلعات الشعب السوري الشقيق نحو سوريا أكثر استقراراً وازدهاراً.
وأعربت دولة الكويت عن ترحيبها باعتماد خريطة الطريق، وقالت وزارة الخارجية الكويتية في بيان: نتطلع لأن تسهم هذه الخطوة الهامة في دعم مستقبل سوريا الجديدة وتلبية تطلعات شعبها الشقيق.
وجددت الخارجية موقف دولة الكويت الداعم لكل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إرساء الأمن والاستقرار في سوريا، والحفاظ على سيادتها ووحدة أراضيها