"عن دوتشيه فيللي"
خلق تصريح لنتنياهو يتضمن اعترافا بالإبادة جماعية في حق الأرمن على يد الإمبراطورية العثمانية، بوادر أزمة جديدة بين تركيا وإسرائيل. فما سياق التصريح؟ وكيف كان رد تركيا؟
نددت وزارة الخارجية التركية بتصريحات لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اعترف فيها بإبادة العثمانيين بحق الأرمن، معتبرة أنها مجرّد محاولة لصرف الأنظار عمّا يجري في غزة.
وقالت الخارجية التركية إن "تصريح نتنياهو بشأن أحداث العام 1915 محاولة لاستغلال مآسي الماضي لأسباب سياسية. يحاول نتنياهو.. التغطية على الجرائم التي ارتكبها هو وحكومته" في قطاع غزة.
وأصبح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنيهو أول رئيس حكومة إسرائيلية يعترف بعمليات القتل الجماعي للأرمن على يد الإمبراطورية العثمانية، والتي وقعت قبل 110 أعوام، باعتبارها إبادة جماعية، حسبما ذكرت صحيفة تايمز أوف إسرائيل اليوم الأربعاء (27 أغسطس/آب 2025).
وكان نتنياهو قد شارك الثلاثاء في بودكاست أمريكي تم بثه على يوتيوب وردّ فيه على سؤال حول سبب عدم اعتراف إسرائيل بالإبادة التي نفذتها الدولة العثمانية ضد "الأرمن والآشوريين واليونانيين"، فقال "في الواقع، أعتقد أننا اعترفنا، أعتقد أن الكنيست أقرّ قانونا في هذا الشأن". فردّ المقدّم باتريك بيت-ديفيد سائلا إن كان هذا الاعتراف يأتي من رئيس وزراء إسرائيل، فقال نتنياهو "نعم، لقد فعلت ذلك للتو. على الرحب والسعة".
والواقع أن البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) ألغى تصويتا على قرار للاعتراف بالإبادة الأرمنية في العام 2018 بعد معارضة من حكومة نتنياهو آنذاك. وكانت لجنة برلمانية أقرّت في العام 2016 بأن المجازر في حقّ الأرمن في 1915 هي "إبادة".
ويعتبر تصريح نتنياهو الآن اعترافا بأن حملة القتل الجماعي التي استهدفت الأرمن في عهد السلطنة العثمانية أثناء الحرب العالمية الأولى كانت "إبادة"، وهو مصطلح ترفضه تركيا بشدة.
تركيا، بصفتها الدولة الخليفة القانونية، ترفض مصطلح الإبادة الجماعية- أي الإبادة المتعمدة للشعب الأرمني بأساليب ممنهجة - لكنها تعترف بمجازر راح ضحيتها ما بين 300 ألف و500 ألف شخص.
وفقًا للمؤرخين، قُتل حوالي 1.5 مليون أرمني في عامي 1915 و1916 خلال الحرب العالمية الأولى، من خلال عمليات قتل ممنهجة في عهد الإمبراطورية العثمانية.
وفقًا للمؤرخين، قُتل حوالي 1.5 مليون أرمني في عامي 1915 و1916 خلال الحرب العالمية الأولى، من خلال عمليات قتل ممنهجة في عهد الإمبراطورية العثمانية (أرشيف)صورة من: Auswärtiges Amt
وأضاف بيان الخارجية التركية إن "نتنياهو، الذي تتم محاكمته لدوره في إبادة الشعب الفلسطيني، يحاول التغطية على الجرائم التي ارتكبها هو وحكومته". وتعتبر إسرائيل اتهامات الإبادة في غزة بأنها "أكاذيب".
ولا يمثل نتنياهو في الوقت الحالي أمام القضاء بتهم الإبادة، ولكن المحكمة الجنائية الدولية كانت أصدرت مذكرة توقيف بحقه ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت على خلفية اتهامات بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في غزة، بما في ذلك استخدام التجويع كسلاح حرب.
وفي كانون الأول/ديسمبر 2023 رفعت جنوب إفريقيا دعوى قضائية أمام محكمة العدل الدولية معتبرة أن هجوم إسرائيل على غزة ينتهك اتفاقية الأمم المتحدة لمنع جريمة الإبادة الجماعية، وتنظر المحكمة في هذه التهمة.
ويعود حذر إسرائيل السابق إلى حد كبير إلى اعتبارات تتعلق بعلاقتها مع تركيا، رغم تدهورها أكثر في السنوات الأخيرة، بعد الحرب الأخيرة. وخلال عام 2023، اتهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إسرائيل بارتكاب "إبادة جماعية" في قطاع غزة.
يذكر أنه في عام 2019، اعترف الكونجرس الأمريكي بمجازر الأرمن في الإمبراطورية العثمانية خلال الحرب العالمية الأولى باعتبارها إبادة جماعية. وأقر البوندستاغ الألماني الشيء نفسه عام 2016 ، مما أدى في ذلك الوقت إلى توتر شديد في العلاقات الألمانية التركية