السويداء تحت النار: دروز يُقتلون بأيدي دروز... من يختطف الجبل؟

السوري اليوم
الثلاثاء, 22 يوليو - 2025
الشيخ حكمت الهجري: لا توافق مع دمشق
الشيخ حكمت الهجري: لا توافق مع دمشق

تقرير خاص

في ظل التصعيد المتواصل جنوب سوريا، تعيش محافظة السويداء واحدة من أكثر مراحلها دموية وتعقيدًا منذ بداية الحرب، وسط مواجهات متكررة بين فصائل درزية متناحرة، واتهامات متبادلة بالتبعية لأطراف خارجية، ما جعل من أبناء الطائفة الدرزية أنفسهم ضحايا لعنف داخلي متفاقم. 
 
وبحسب تقارير حقوقية مستقلة، من بينها ما نشرته منظمة "سواسية 24" الإعلامية، فقد شهد العامان 2023 و2024 تصاعدًا غير مسبوق في حالات القتل والاغتيال داخل المحافظة، أغلبها بين أبناء الطائفة الواحدة. 
 انقسامات دامية داخل البيت الواحد 
في تقرير صدر عن "سواسية 24" في ديسمبر 2023، وثّقت المنظمة سقوط ثمانية قتلى خلال اشتباكات عنيفة بين ميليشيا تابعة لحكمت الهجري وعشيرة الزعبي في بلدة المزرعة غرب السويداء. الاشتباكات، التي استُخدمت فيها الأسلحة الثقيلة، أدت أيضًا إلى تدمير منازل مدنيين ونزوح عشرات العائلات. 
أما في يناير 2024، فقد رصدت المنظمة اغتيال الناشط الدرزي عمر أبو عمار في مدينة شهبا، وهو أحد الأصوات الناقدة لهيمنة الهجري. ويُعد هذا الحادث واحدًا من خمس عمليات اغتيال موثقة بحق ناشطين ومدنيين دروز في أقل من ثلاثة أشهر، تُشير أصابع الاتهام فيها نحو جماعات مسلحة تابعة للهجر 
 إسرائيل وإيران: لاعبون في ساحة السويداء 
تشير تقارير "سواسية 24" ومصادر متقاطعة من  
“Middle  East Eye” و"المرصد" إلى أن الصراع لا يقتصر على أطراف محلية، بل باتت تدخلات إقليمية تُغذي الانقسام الدموي. 
ففي تقرير نُشر فبراير 2024، أكدت "سواسية 24" أن إسرائيل قامت بتدريب مجموعات تابعة للهجري في معسكرات قريبة من الجولان، وزودتهم بتقنيات مراقبة واستهداف متقدمة، ضمن سياسة إسرائيلية تسعى إلى خلق كيانات محلية حليفة في جنوب سوريا. 
في المقابل، دعمت إيران ميليشيات درزية موالية للنظام، خاصة في المناطق الشرقية من المحافظة، ما جعل السويداء ساحة صراع بالوكالة بين قوتين إقليميتين. 
 الغالبية الصامتة: بين المطرقة والسندان 
ورغم الصورة الدامية التي تتصدر الأخبار، فإن تقارير "سواسية 24" تؤكد أن نحو 80٪ من سكان السويداء يرفضون العنف والانقسام، ويتمسكون بوحدة سوريا ورفض التدخلات الخارجية. 
وقد شهدت مدن وبلدات عدة – أبرزها السويداء وسليم وشهبا – احتجاجات سلمية خلال عام 2023، رُفعت فيها لافتات تُطالب بـ"إنهاء الاحتلال الداخلي" و"رفض الانفصال"، في إشارة إلى فصائل محلية مدعومة خارجيًا. 
 مطالب الناس: نزع السلاح وعودة المؤسسات 
يتلخّص المطلب الشعبي اليوم في عودة مؤسسات الدولة السورية الشرعية إلى كامل المحافظة، دون وساطة فصائلية أو تدخلات خارجية. وتبرز مبادرات أهلية لتشكيل مجالس محلية مدنية، بدعم غير مباشر من بعض الأطراف الدولية كروسيا، لملء الفراغ الأمني والإداري بعيدًا عن السلاح. 
السويداء، التي لطالما عُرفت بدورها التاريخي في حماية وحدة سوريا واستقلال قرارها، تقف اليوم أمام مفترق طرق خطير. فبين مشروع التقسيم المموّل خارجيًا، والانهيار الداخلي الممنهج، تتطلب المرحلة دعمًا سياسيًا وإعلاميًا لصوت الأغلبية الرافضة للعنف، والتي تُقتل اليوم على يد أبناء جلدتها، لا لشيء إلا لأنها ترفض التبعية والاحتراب الأهلي. 
 
✍️ "من قتل درزيًا لأنه رفض الانفصال أو التطرف، لا يمكن أن يدّعي الدفاع عن كرامة الطائفة أو سيادة الأرض."