في ظل تصاعد الحراك السياسي والدبلوماسي المرتبط بالملف السوري، شهد شمال شرق سوريا تطورًا بارزًا مع تأكيد التوصل إلى اتفاق مبدئي بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) والحكومة السورية، يهدف إلى إعادة دمج القوات ضمن مؤسسات الدولة، مع ضمانات بوحدة الأراضي السورية ورفض مشاريع التقسيم. ويأتي ذلك في وقت تكثف فيه واشنطن من تحركاتها لمنع تصعيد الأوضاع في المنطقة، والحفاظ على توازن نفوذها وسط تقارب متزايد بين دمشق والأكراد.
وفي هذا السياق، أعلنت السفارة الأمريكية في سوريا، السبت، عن عقد اجتماع رسمي جمع المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، السفير توماس ج. باراك، بالقائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي، في تركيا، حيث ناقشا تطورات الوضع الميداني والسياسي، وسبل الحفاظ على الاستقرار في المناطق الخاضعة للإدارة الذاتية.
وجاء في البيان المنشور على منصة "إكس" (تويتر سابقًا):
> "التقى السفير توماس باراك اليوم بالقائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي، لمناقشة الوضع الراهن في سوريا والحاجة إلى اتخاذ خطوات عاجلة لاستعادة الهدوء والاستقرار. كما ناقشا الخطوات العملية نحو الاندماج في سوريا موحدة من أجل مستقبل سلمي ومزدهر وشامل لجميع السوريين. واتفقا على أن الوقت قد حان للوحدة".
وأضاف البيان أن السفير باراك "شكر القائد مظلوم على قيادته، وعلى الشراكة المستمرة لقوات سوريا الديمقراطية في مكافحة تنظيم داعش في سوريا".
عبدي: الاتفاق مع الحكومة السورية "فرصة حقيقية لبناء سوريا جديدة"
ويأتي هذا اللقاء في أعقاب إعلان مظلوم عبدي، في تصريحات له خلال شهر مارس/آذار الماضي، أن الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع الإدارة السورية الجديدة، برئاسة أحمد الشرع، يشكل "فرصة حقيقية لبناء سوريا جديدة لكل السوريين"، مؤكداً أن الاتفاق يتضمن إعادة هيكلة العلاقة بين "قسد" والدولة السورية، بما يضمن اندماجها العسكري والإداري ضمن مؤسسات الدولة، مع احترام التنوع الثقافي والإثني، وخاصة الحقوق السياسية والثقافية للأكراد.
وقد رحبت الرئاسة السورية بالاتفاق آنذاك، مشددة على أنه "يصب في إطار وحدة سوريا ورفض التقسيم، وأنه يستند إلى مرجعية وطنية تضمن السيادة السورية على كامل الأراضي".
مراقبون: واشنطن تحاول موازنة التقارب بين دمشق و"قسد"
من جانبه، اعتبر الباحث السياسي في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، إميل حكيم، في تصريح لشبكة CNN، أن الاتفاق "يمثل اعترافًا غير مسبوق من الدولة السورية بالحقوق السياسية والثقافية للأكراد"، مشيرًا إلى أنه "إذا طُبّق فعليًا، فسيغيّر جذريًا من طبيعة العلاقة بين المركز والأطراف في سوريا".
ويرى محللون أن واشنطن تسعى من خلال لقاءاتها مع "قسد" إلى الحفاظ على نفوذها في شرق الفرات، وتفادي أي فراغ استراتيجي قد تستفيد منه روسيا أو إيران أو حتى تركيا، في حال تطورت العلاقة بين الإدارة الذاتية ودمشق إلى تحالف سياسي أو عسكري رسمي.