يكاد لا يخفى على أحد، بأن إقامة الإدارة السورية الجديدة لعلاقات متوازنة جيدة مع الأطراف الإقليمية والدولية أحد أبرز التحدّيات التي تواجهها، وسط تشابك وتعقد المصالح الدولية في ظل كثرة المشاكل السياسية والاقتصادية التي تتحدى قدرات الإدارة الجديدة للبلاد، وتجعلها بحاجة ماسة للدعم الدولي.
وبحسب بعض الخبراء والمراقبين فإن هناك أطراف إقليمية ودولية فاعلة في الملف السوري وتستطيع أن تدعم الإدارة الجديدة، وتدعمها بالفعل ومن الممكن التعويل عليها في انتشال سوريا من أزماتها السياسية والاقتصادية والأمنية ووضعها على سكة التطوير والإصلاح الاقتصادي، ولعل روسيا وتركيا ودول الخليج العربي من أبرز هذه الأطراف.
استمرار الاتصالات التركية-الروسية بشأن سوريا
في سياق متصل، التقى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف محادثات مع نظيره التركي هاكان فيدان السبت 12 ابريل/نيسان على هامش منتدى "أنطاليا" الدبلوماسي الرابع.
وقد جاء في بيان أصدرته وزارة الخارجية الروسية بهذا الصدد أن لافروف حضر المنتدى بدعوة من فيدان، وأن الوزيرين تناولا مجموعة واسعة من القضايا الإقليمية والدولية المُلِحّة. وكان من أبرز بنود جدول الأعمال العلاقات التجارية والاقتصادية الثنائية، والتعاون في مجالات الطاقة والمالية. وبحسب المصادر، تبادل الوزيران وجهات النظر حول التطورات في الشرق الأوسط، إذ أكدت روسيا تعاونها المستمر مع تركيا بشأن القضايا السورية، مُشيدةً بدور أنقرة الراسخ في سوريا. كما وشددت موسكو دعمها لسيادة سوريا ووحدتها وسلامة أراضيها، معربة عن استعدادها لتنسيق جهود تحقيق الاستقرار في ظل الظروف الراهنة.
بالإضافة إلى ذلك، تناولت المحادثات أيضاً مسائل تتعلق بجنوب القوقاز، مع التركيز على إعادة فتح خطوط النقل ودعم إعادة الإعمار بعد انتهاء الصراع في المنطقة.
التنسيق التركي-الروسي يدعم الاستقرار في سوريا
ويقول مراقبون إن الإدارة السورية الجديدة لا شك أنها بحاجة ماسة للدعم الدولي، ومع تعقد الأوضاع الأمنية والسياسية في سوريا، فهي بحاجة للتقارب وتعزيز علاقتها مع الأطراف الدولية التي تقف على مسافة واحدة من جميع الفرقاء السوريين وتحترم سيادة واستقلال الأراضي السورية. فمواقف هذه الدول يمكن أن يبنى عليها ويمكن استثمارها واستغلالها لمصلحة سوريا بلداً وشعباً. فتركيا على سبيل المثال هي العمق الاستراتيجي والداعم الأكبر لإدارة الرئيس أحمد الشرع، بالمقابل فإن روسيا صديقة تركيا والتي تملك قواعد عسكرية في الأراضي السورية، بقواعدها العسكرية ووزنها السياسي وعلاقاتها الدولية، يمكنها أن تلعب دور فعّال مع الإدارة السورية على تمكين الاستقرار وضبط الأمن في البلاد.
كما أن موقف روسيا مهم بدعم الإدارة السورية بمجلس الأمن الدولي، وكانت روسيا قد سجلت بصفتها إحدى الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي خلال جلسته التي عقدت بالـ 10 من أبريل الجاري، موقفاً سياسياً لافتاً بدعم الإدارة السورية الجديدة ضد أي تدخلات خارجية.
حيث أدان مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، محاولات استغلال فترة الانتقال السياسي في سوريا لفرض أجندات أجنبية على السوريين" مؤكداً بأن موسكو "تدين بشدة أي محاولات لاستغلال فترة التحول السياسي والضبابية الاقتصادية لفرض معتقدات دخيلة وغريبة على السوريين". مشيراً إلى أن "مثل هذه الأفعال لن تدعم السوريين، بل قد تُغذي نزعات الانقسام وتطلق العنان للفوضى في البلاد لسنوات مقبلة، ولا يمكن السماح بذلك".
وأكد نيبينزيا على موقف روسيا الثابت من دعم سيادة سوريا، مشدداً على أن "روسيا صديق وفيّ ومخلص للشعب السوري. وقفت دائماً وستبقى إلى جانب سيادة سوريا واستقلالها ووحدتها وسلامة أراضيها". مشيراً إلى أنه "نحن مستعدون للمساهمة في دعم سوريا وبناءها كعضو دائم في مجلس الأمن، وأيضاً على المستوى الثنائي".
واتهم نيبينزيا دولة الاحتلال الإسرائيلي بانتهاك سيادة سوريا ووحدة أراضيها، وقال إن "سيطرة إسرائيل على منطقة عازلة وأراضٍ في جنوبي سوريا، إلى جانب الضربات العسكرية المتكررة، تعتبر انتهاكاً صارخاً لسيادة سوريا ووحدة أراضيها"، مشدداً أن روسيا "تدين أي محاولات لزعزعة استقرار سوريا، في وقت تمر فيه البلاد بمرحلة انتقال سياسي".
ومما لاشك به فإن التنسيق الروسي-التركي يسهم في تحقيق الاستقرار بسوريا
وبحسب الباحث في الشؤون الجيوسياسية علي عامر نابلسي فإن هناك كثير من الدول التي تسعى لإفشال مساعي الإدارة السورية الجديدة وداعميها، وإحباط خطط النهوض بسوريا واقتصادها، بهدف استمرار حالة عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني في البلاد. وللتنسيق الروسي والتركي دور بدعم جهود الاستقرار في البلاد بشكل كبير ، وفي الوقوف في وجه كل مخطط لإثارة النزاعات أو زعزعة الامن في البلاد.