أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عن مبادرة لتقديم مساعدات إنسانية غذائية لسوريا، تشمل شحنات من الحبوب والزيوت، وذلك بعد أيام من سقوط نظام بشار الأسد في الثامن من ديسمبر 2024.
وفقاً لوكالة "فرانس برس"، فقد كشف الرئيس زيلينسكي عن هذه المبادرة في خطابه اليومي، مؤكداً استعداد أوكرانيا لتقديم الدعم الغذائي للشعب السوري عبر برنامج "حبوب من أوكرانيا" الذي أطلق في العام 2022. وأضاف زيلينسكي، حسبما نقلت عنه وكالة الأنباء الأوكرانية "أوكرينفورم"، أن حكومته تنسق مع الشركاء الدوليين والجهات السورية المعنية لحل المسائل اللوجستية المتعلقة بتوصيل المساعدات. وأكد أن هذه الخطوة تهدف إلى دعم الاستقرار في المنطقة وتعبيد الطريق نحو سلام حقيقي، موضحاً أن بلاده قادرة على تزويد سوريا بالقمح والدقيق والزيت، وهي منتجات حيوية لضمان الأمن الغذائي.
ويأتي هذا الإعلان بعد أيام قليلة من سقوط نظام الأسد في دمشق، إثر هجوم خاطف قادته فصائل المعارضة السورية، التي تسيطر عليها "هيئة تحرير الشام"، حيث فر الأسد إلى روسيا، التي كانت تعتبر الداعم الرئيسي لنظامه.
وفي سياق متصل، أشار موقع "The Maritime Executive" إلى أن شحنات الحبوب الروسية، التي كانت موجهة إلى سوريا، قد توقفت في منتصف الطريق، وأن هذه المبادرة الأوكرانية تأتي في وقت تحتاج فيه سوريا إلى بديل لهذه الإمدادات.
لطالما كانت سوريا مسرحاً للصراع والتنافس الإقليمي والدولي، وتفاقمت الأوضاع الإنسانية فيها جراء الحرب التي اندلعت منذ العام 2011، وما تلاها من تدخلات خارجية، أبرزها التدخل العسكري الروسي الإيراني الذي لعب دوراً في تعقيد المشهد. وقبل سقوط نظام الأسد، كانت روسيا تزود سوريا بكميات كبيرة من الحبوب، التي كان بعضها مستولى عليه من الأراضي الأوكرانية المحتلة، بحسب تقارير دولية.
أما بالنسبة لأوكرانيا، فهي تعتبر واحدة من أكبر مصدري الحبوب في العالم، ورغم الحرب الدائرة على أراضيها، إلا أنها حافظت على قدراتها الإنتاجية. وفي عام 2022، أطلقت أوكرانيا برنامج "حبوب من أوكرانيا"، الذي يهدف إلى تقديم مساعدات غذائية للدول الأكثر فقراً في العالم، وخاصة في أفريقيا وآسيا.
وأكد الرئيس زيلينسكي في تصريحات نقلتها عنه "كييف إندبندنت" أن مبادرة المساعدات الغذائية لسوريا تأتي في إطار سعي أوكرانيا للمساهمة في استقرار الأوضاع في البلاد ومنع تفاقم الأزمة الغذائية. وأضاف أن أوكرانيا على استعداد للتعاون مع المنظمات الدولية والشركاء الراغبين في المساعدة لتحقيق هذا الهدف.
وفي منشور له، على منصة "إكس" قال الرئيس الاوكراني:
"إننا نشكر كل دولة وكل قائد مستعد لمساعدة المجتمع السوري على استعادة الحياة الطبيعية وبناء مؤسسات الدولة الفعّالة. ومن المؤكد أننا سندعم سوريا في ضمان الأمن الغذائي، لقد اتخذنا بالفعل القرارات اللازمة، وأوكرانيا مستعدة لتزويدها بالغذاء.
إننا مستعدون للعمل مع ممثلي الشعب السوري لتصحيح أخطاء نظام الأسد، وخاصة فيما يتعلق بأوكرانيا وكل أوروبا."
وتأتي مبادرة زيلينسكي في وقت حرج بالنسبة لسوريا، حيث تعاني البلاد من أزمة إنسانية حادة، وتدهور في الأوضاع الاقتصادية، ونقص حاد في الإمدادات الغذائية. ومن شأن هذه المساعدات الأوكرانية أن تخفف من معاناة الشعب السوري.
ووفقاً لتقارير الأمم المتحدة، يعاني أكثر من 12 مليون سوري من انعدام الأمن الغذائي، ويحتاجون إلى مساعدات إنسانية عاجلة. وقبل اندلاع الحرب في أوكرانيا، كانت سوريا تعتمد بشكل كبير على استيراد الحبوب من روسيا وأوكرانيا، حيث كانت روسيا تزودها بأكثر من 70% من احتياجاتها من القمح.
وتنتج أوكرانيا ما يقرب من 20% من إجمالي صادرات الحبوب العالمية، وتعتبر أكبر مورد للقمح والذرة والشعير في العالم. ففي عام 2022، صدرت أوكرانيا حوالي 40 مليون طن من الحبوب، رغم الحرب الدائرة على أراضيها.