الآثار القاتلة لتلوث الهواء في إيران: أزمة بيئية تهدد الأرواح

السوري اليوم - إيران
الأحد, 24 نوفمبر - 2024
التلوث في العاصمة الإيرانية طهران
التلوث في العاصمة الإيرانية طهران

تُعدّ أزمة تلوث الهواء في إيران واحدة من أكثر القضايا البيئية والصحية إلحاحًا، حيث تؤدي إلى وفاة عشرات الآلاف سنويًا. وفقًا لمصادر محلية وإحصاءات رسمية، يُعزى جزء كبير من هذه الوفيات إلى المستويات الخطيرة من الملوثات في الهواء، والتي تؤثر بشكل مباشر على صحة ملايين الإيرانيين.

تلوث الهواء وأثره القاتل

في تقارير صادرة عن مراكز أبحاث بيئية في طهران، يُقدر أن حوالي 50,000 حالة وفاة سنويًا تحدث بسبب استنشاق الهواء الملوث. ووفقًا لبيانات أخرى، فإن الملوثات الهوائية التي يقل قطرها عن 2.5 ميكرون، المعروفة بخطورتها على الجهاز التنفسي والقلب، تمثل الخطر الأكبر في المدن الإيرانية الكبرى. تُظهر الإحصاءات أن هذه الجزيئات الدقيقة تسببت في زيادة ملحوظة في الأمراض التنفسية المزمنة وأمراض القلب.

محمد رضا مسجدي، الأمين العام للاتحاد الدولي لمكافحة أمراض الرئة، أشار إلى أن تلوث الهواء هو السبب الرابع للوفيات في إيران، وهو ما يضع هذه الأزمة في مصاف الكوارث الصحية الرئيسية.

السياسات الحكومية ودورها في تفاقم الأزمة

تُتهم الحكومة الإيرانية بدعم شركات السيارات المحلية بشكل مفرط، مما ساهم في زيادة انبعاثات الملوثات الهوائية. تُنتج سيارات شركتي إيران خودرو وسايبا ما يُقدر بـ 70-80٪ من الانبعاثات المسببة للتلوث. ويُعزى ذلك إلى غياب المعايير البيئية الصارمة وضعف تقنيات التصنيع المستخدمة في هذه المركبات.

علاوة على ذلك، فرضت الحكومة قيودًا صارمة على استيراد السيارات الأجنبية، بحجة تعزيز الإنتاج المحلي، وهو ما أدى إلى غياب الخيارات المستدامة الأقل تلويثًا للسوق الإيرانية. يتهم خبراء بيئيون "مافيا صناعة السيارات" بلعب دور كبير في هذه الكارثة، حيث تتحالف مع جهات حكومية لضمان استمرار هذا الوضع المربح على حساب البيئة وصحة المواطنين.

زيادة التركيز على مصادر الطاقة الملوثة

إلى جانب انبعاثات السيارات، تُعدّ محطات الطاقة والصناعات الثقيلة من المساهمين الرئيسيين في تلوث الهواء. رغم الحديث عن خطط لتركيب معدات مكافحة التلوث، إلا أن التنفيذ الفعلي لهذه التدابير لا يزال محدودًا وغير كافٍ. بين عامي 2019 و2022، شهدت مستويات التلوث ارتفاعًا مستمرًا، ما يعكس فشل السياسات الحكومية في التصدي للأزمة بشكل جذري.

دعوات للتغيير والحلول الممكنة

تُطالب المنظمات البيئية وخبراء الصحة العامة باتخاذ خطوات عاجلة لتخفيف تلوث الهواء، منها:

تشديد معايير التصنيع: تحسين معايير إنتاج السيارات والصناعات الثقيلة للحد من الانبعاثات.

فتح الأسواق: إلغاء القيود على استيراد السيارات الأقل تلويثًا.

تعزيز النقل العام: الاستثمار في البنية التحتية للنقل العام المستدام.

إصلاح السياسات البيئية: وضع استراتيجيات طويلة الأمد لحماية البيئة.

أزمة تلوث الهواء: خطر مستمر

بينما تتفاقم آثار تلوث الهواء، تعيش إيران تحت وطأة أزمة بيئية وصحية حادة تهدد مستقبل أجيالها. يظل التعاون بين الجهات الحكومية، المجتمع المدني، والخبراء البيئيين ضرورة ملحّة للتغلب على هذه الكارثة والحد من آثارها المدمرة.