شهدت مدينة حلب تطوراً جديداً في ملف شركة “صفة” للمواقف المأجورة، المملوكة لرجل الأعمال إياد غزال، المقرب من النظام السوري. خلال اليومين الماضيين، أقدمت الشركة على إزالة عدد من المواقف التابعة لها في شارع بارون قرب وسط المدينة، ما أثار جدلاً واسعاً بين الأهالي.
وأفادت مصادر إعلامية موالية للنظام بأن الشركة أزالت المواقف المأجورة في مركز المدينة باتجاه المدينة القديمة، إلى جانب مواقف أخرى في شارع بارون. تأتي هذه الخطوة في أعقاب حملة أطلقها ناشطون على موقع “فيسبوك” تحت شعار “فلتسقط شركة صفة حلب”، والتي نددت بممارسات الشركة ورسومها المرتفعة.
تضارب في التفسيرات وردود الفعل الشعبية
رغم أن إزالة المواقف اعتُبرت استجابة للضغوط الشعبية، أشار بعض المتابعين إلى أن الخطوة تهدف لإعادة توزيع المواقف في أماكن أخرى، وليس استجابة للمطالب الشعبية.
وفي تصريح لموقع “داما بوست”، وصف فادي إسماعيل، منشئ الحملة، ممارسات الشركة بأنها “ابتزاز علني للمواطنين”، مشيراً إلى احتكارها لأغلب أحياء حلب، بما فيها الشوارع الفرعية والسكنية. وأضاف إسماعيل أن السكان باتوا عاجزين عن ركن سياراتهم أمام منازلهم، مما يضطرهم إلى اللجوء لحلول مرهقة، مثل نقل سياراتهم لمسافات بعيدة أو انتظار انتهاء دوام الشركة ليلاً.
إسماعيل أكد أن الشركة تستغل سلطتها بمنح موظفيها صلاحيات الضابطة العدلية، ما يمكّنهم من تسطير مخالفات عشوائية بحق السائقين، حتى لو لم تتجاوز مدة الوقوف دقائق معدودة. وكشف عن تقديم دعوى قضائية جماعية ضد الشركة ومجلس مدينة حلب، مبدياً استغرابه من رفض المجلس الكشف عن بنود العقد مع الشركة، ما يثير تساؤلات حول مصالح مشتركة بين الطرفين.
رسوم مرتفعة وشبهات فساد
تعتبر شركة “صفة”، التي تأسست عام 2021 تحت مظلة شركة “كارتل جروب” التي يديرها إياد غزال، واحدة من الشركات المثيرة للجدل في سوريا. وتبلغ رسوم المواقف في حلب 1500 ليرة سورية للساعة الواحدة، وهي أعلى بثلاثة أضعاف من رسوم المواقف في دمشق، حيث تبلغ التكلفة 500 ليرة فقط. كما تفرض الشركة غرامات مالية تتراوح بين 12,000 و18,000 ليرة على السيارات التي تتجاوز الوقت المحدد.
ويتهم ناشطون الشركة بتجاوز دورها التجاري عبر فرض سلطات واسعة تشبه تلك الممنوحة لشرطة المرور. كما أشارت الحملة الشعبية إلى تورط إياد غزال بدفع أموال لمؤسسة “الأمانة السورية للتنمية”، التي تديرها أسماء الأسد، لضمان استمرار عمل الشركة دون مساءلة.
خلفية إياد غزال
غزال، الذي شغل منصب محافظ حمص سابقاً، غادر سوريا مع بداية الثورة في 2011 واستقر في دبي. من هناك، أطلق مشروع “صفة”، الذي توسع ليشمل عدة محافظات سورية، منها دمشق وحمص وحماة وحلب. ويُعتبر غزال شخصية جدلية نظراً لقربه من عائلة الأسد وشبهات الفساد التي تحيط به.
مستقبل الشركة تحت المجهر
بينما لا تزال شركة “صفة” تعمل تحت غطاء من الغموض، يطالب أهالي حلب بالكشف عن تفاصيل عقد الشركة مع مجلس المدينة. ويعتقد كثيرون أن الشركة تحظى بدعم جهات عليا في النظام، ما يعقد أي جهود لإعادة النظر في سياساتها أو محاسبتها.