أثار إعلان الحكومة الإيرانية عن زيادة أسعار الكهرباء ردود فعل غاضبة من المواطنين، خاصةً من ذوي الدخل المحدود الذين يعانون من تدهور أوضاعهم المالية بفعل التضخم المستمر. وقد أتى القرار ليزيد من حالة الاحتقان الشعبي ويعزز المخاوف من عودة الاحتجاجات في مختلف أنحاء البلاد، خاصة مع تزايد أعباء المعيشة وتقلص الدعم الحكومي عن الخدمات الأساسية.
أكد وزير الطاقة الإيراني، عباس علي آبادي، أن الحكومة لن تتحمل دعم الكهرباء بعد الآن ضمن ما وصفه بـ"تحرير صناعة الكهرباء"، حيث سيتحمل المستهلكون تكلفة الكهرباء بشكل كامل. وأوضح علي آبادي في تصريحات رسمية أن المنازل ذات الاستهلاك المرتفع ستُجبر على شراء الطاقة من السوق المفتوحة أو اللجوء إلى مصادر الطاقة المتجددة، رغم النقص الشديد في البنية التحتية للطاقة المتجددة في إيران. ويرى العديد من المراقبين أن هذا القرار سيضعف الأسر المتوسطة والمنخفضة الدخل التي تعاني بالفعل من الأعباء المعيشية.
القلق من تكرار موجات الاحتجاجات
يأتي هذا القرار في ظل أزمات اقتصادية متصاعدة وتقليص في الدعم الحكومي، وهو ما يعيد للأذهان احتجاجات أيار 2022، عندما اندلعت المظاهرات رداً على قرار الحكومة بتحرير أسعار بعض السلع الأساسية مثل الطحين. قوبلت تلك الاحتجاجات بقمع شديد وقطع للإنترنت، مما زاد من غضب المواطنين. ومع استمرار الظروف الاقتصادية الصعبة، يخشى البعض من أن تكون زيادة أسعار الكهرباء شرارة جديدة لتجدد الاحتجاجات.
التضخم والفجوة بين الرواتب وتكاليف المعيشة
في سياق مشروع الميزانية الجديد لعام 1404 الفارسية (2025)، تظهر المخصصات الحكومية تركيزاً على القطاعين العسكري والحكومي، بينما يبقى دعم الخدمات الأساسية مثل الكهرباء دون تخصيص كافٍ. ومع إعلان الحكومة عن زيادة بنسبة 20% في رواتب القطاع العام، يبدو أن تأثير هذا القرار على تحسين مستويات المعيشة ضئيل في ظل تضخم رسمي يصل إلى ما بين 30-40%. وقد انتقد النائب حسن علي أخلاقي أميري هذا الوضع، مشيراً إلى أن زيادة الرواتب لا تعالج أعباء الحياة اليومية المتزايدة، خاصةً مع ارتفاع أسعار الوقود وتقلبات سعر الصرف.
أزمة الطاقة تفرض تحديات أكبر
تواجه إيران أزمة طاقة تتفاقم عاماً بعد عام. هذا الصيف، عانت البلاد من عجز وصل إلى 20,000 ميغاواط، مما اضطر الحكومة إلى تقنين الكهرباء في مختلف القطاعات. وتلقي الحكومة باللوم على ارتفاع الطلب المحلي، لكن خبراء يشيرون إلى ضعف الكفاءة وإدارة محطات الطاقة، حيث تعمل محطات الطاقة الحرارية بمستوى كفاءة لا يتجاوز 37%. ووفقاً لبيانات شركة توزيع الكهرباء "توانير"، تتسبب البنية التحتية المهترئة في خسارة حوالي 40 تيراواط ساعة سنوياً، وهو ما يعادل احتياجات 40% من الأسر في إيران.