شهدت الأيام الأخيرة تصعيداً حاداً بين إسرائيل وحزب الله، مما أدى إلى أعنف تبادل لإطلاق النار بين الجانبين منذ عام 2006. هذا التصعيد لا يمثل مجرد توسع في الصراع بين إسرائيل وحزب الله، بل يكشف أيضاً عن خلاف متزايد بين الرئيس الأمريكي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
تحذيرات بايدن من حرب إقليمية
منذ أكثر من عام، كان بايدن يحذر علناً وسراً من خطر اندلاع حرب إقليمية قد تتصاعد بسهولة إلى مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران. خلال زيارته لإسرائيل بعد هجمات حماس في السابع من تشرين الأول، شدد بايدن على ضرورة تجنب تكرار الأخطاء التي ارتكبتها الولايات المتحدة بعد أحداث 11 أيلول 2001.
رغم التوتر المتزايد في المنطقة، كان بايدن يأمل في الحفاظ على فرص التوصل إلى اتفاق سلام شامل في الشرق الأوسط. ولكن مع اقتراب نهاية فترته الرئاسية بعد أربعة أشهر فقط، أصبح واضحاً أن فرص وقف إطلاق النار أو التوصل إلى اتفاق بشأن الأسرى مع حماس تتضاءل بسرعة.
الرهانات العالية والخلافات المتزايدة
في الوقت الذي يؤكد فيه المسؤولون الأمريكيون تمسكهم بالأمل في تفادي حرب إقليمية، يعترفون بأن الوضع يزداد تعقيداً. مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان، أشار إلى أن تبادل إطلاق الصواريخ بين إسرائيل وحزب الله لا يعني بالضرورة تصعيداً شاملًا، ولكنه أكد أن الإدارة الأمريكية تسعى للتوصل إلى اتفاق لوقف هذه الدائرة من العنف.
في الوقت ذاته، يظهر تزايد الخلافات بين بايدن ونتنياهو في المواقف والنهج. فبايدن، الذي يسعى إلى تحقيق اتفاق سلام يضمن حلاً للدولتين، يواجه رئيس وزراء إسرائيلي مصمم على القضاء على كل تهديد وجودي لإسرائيل، حتى لو كان ذلك على حساب استمرارية الائتلاف الحكومي الهش في إسرائيل.
استياء متزايد داخل الإدارة الأمريكية
رغم التمسك بالتحالف الاستراتيجي بين الولايات المتحدة وإسرائيل، بدأ يظهر استياء واضح داخل فريق بايدن للأمن القومي تجاه نتنياهو. تتحدث المصادر عن مشادات كلامية خلال المكالمات الهاتفية بين الرئيسين، وزيارات وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن للقدس التي أسفرت عن وعود متناقضة من نتنياهو.
المواجهة المستمرة مع حزب الله
من جهة أخرى، يؤكد المسؤولون الإسرائيليون أن حملتهم ضد حزب الله تستهدف القضاء على مراكز القيادة والتحكم لدى الجماعة المسلحة ومخازن أسلحتها. منذ أن اتجه الصراع شمالاً نحو لبنان، أصبحت العمليات العسكرية الإسرائيلية أكثر تركيزاً، مستهدفة الأنفاق وأماكن تخزين الأسلحة.
يبدو أن نتنياهو مصمم على حل مشكلات إسرائيل الأمنية مع حزب الله كما فعل مع حماس. ولكن من الصعب تصور أن إسرائيل ستكون قادرة على القضاء على حزب الله، خاصة مع تعقيدات الصراع الإقليمي والدولي.
المستقبل الغامض للعلاقة بين بايدن ونتنياهو
فيما ينتظر نتنياهو الانتخابات الأمريكية المقبلة، التي قد تعيد دونالد ترامب إلى السلطة، يبدو أن نتنياهو أقل قلقاً بشأن تجاوزاته مع بايدن. فهو يدرك أن ترامب سيكون أكثر تسامحاً مع النهج الإسرائيلي في التعامل مع حماس وحزب الله.
ورغم محاولات بايدن للضغط على نتنياهو لتجنب تصعيد أكبر، يبدو أن نتنياهو يعتمد على تحالفه مع الجناح اليميني في حكومته، والذي يدعو لحل حاسم للصراع المستمر، حتى لو كان ذلك يتطلب تجاهل نصائح الولايات المتحدة.
الخاتمة
في خضم هذا التصعيد، يبقى الوضع هشاً، مع تزايد المخاوف من اندلاع حرب إقليمية تشمل أطرافاً أخرى. ويبدو أن التوتر المتزايد بين بايدن ونتنياهو سيستمر في تعقيد جهود السلام في الشرق الأوسط، خاصة مع تصاعد العمليات العسكرية في لبنان وقطاع غزة.