أثارت التحقيقات التي أجرتها هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) في اتهامات الاعتداء الجنسي ضد محمد الفايد، المالك السابق لمتاجر هارودز البريطانية الفاخرة، ضجة واسعة. فقد اتهمت خمس نساء السيد الفايد، الذي توفي عام 2023 عن عمر يناهز 94 عاماً، بالاغتصاب والاعتداء الجنسي، بينما أفادت أخريات بتعرضهن للتحرش أثناء عملهن في هارودز.
عمل الفايد كمالك لمتجر هارودز من عام 1985 حتى عام 2010، وكان معروفاً أيضاً بعلاقته الرومانسية مع أميرة ويلز، ديانا، وابنه دودي، اللذين توفيا في حادث سيارة عام 1997 في باريس. في الفيلم الوثائقي الذي بثته بي بي سي بعنوان “الفايد: المفترس في هارودز”، قدمت أكثر من عشرين موظفة سابقة روايات مروعة عن الانتهاكات التي تعرضن لها.
تمتد الاتهامات على مدى سنوات وفي دول مختلفة، حيث وُجهت الاتهامات في لندن وباريس وسان تروبيه وأبو ظبي. ورغم أن هذا التحقيق ليس الأول الذي يتناول سلوكيات الفايد غير المقبولة، إلا أنه يقدم تفاصيل جديدة ومخيفة حول أنماط سلوكه المسيئة، مما يثير تساؤلات حول سبب تجاهل هذه الروايات لفترة طويلة.
في تحقيق سابق أجرته مورين أورث في مجلة فانيتي فير عام 1995، وصف أحد الموظفين كيف كان الفايد يتجول في المتجر بحثاً عن نساء شابات لجذبهن للعمل في مكتبه. ورفع الفايد دعوى قضائية بتهمة التشهير، لكنه أسقط القضية لاحقاً.
خلال عامي 2017 و2018، أجرت القناة الرابعة البريطانية مقابلات مع أشخاص تحدثوا عن تحرش الفايد بموظفات. بعض هؤلاء النساء شاركن مجدداً في الفيلم الوثائقي الأخير. وقد مُنحت العديد من النساء اللواتي تمت مقابلتهن في التحقيق سرية الهوية، واستخدمن أسماء مستعارة أو أسمائهن الأولى فقط.
إحدى النساء، التي كانت تعمل كمساعدة شخصية للفايد في التسعينيات، وصفت كيف اغتصبها في شقته بلندن عندما كانت في التاسعة عشرة من عمرها. وأكدت أخريات أن الفايد كان يجري فحوصات طبية دقيقة للنساء قبل تعيينهن، وكانت نتائج هذه الفحوصات ترسل إليه مباشرة.
وقال توني ليمينغ، الذي شغل منصب مدير قسم في هارودز بين عامي 1994 و2004، لبي بي سي: “كان الأمر معروفاً للجميع”. من جهتها، أصدرت شركة هارودز اعتذاراً رسمياً، مؤكدة أنها “منزعجة تماماً” من المزاعم.
في عام 2010، باع الفايد متجر هارودز لصندوق الثروة السيادية القطري بمبلغ 1.5 مليار جنيه إسترليني، وأكدت الشركة أنها أصبحت الآن “منظمة مختلفة تماماً” عما كانت عليه في عهد الفايد. وقد وضعت هارودز آلية للإبلاغ عن مزاعم الاعتداء، وتتعهد بالنظر في الشكاوى بشكل فردي.
رغم نجاح الفايد في بناء إمبراطورية تجارية واسعة، إلا أن حياته الشخصية كانت مليئة بالدراما، خاصة بعد وفاة ابنه. لقد أصبح ناقداً صريحاً للعائلة المالكة، محملاً إياها المسؤولية عن وفاة ابنه وديانا.
وفي تعليقها على الفيلم الوثائقي، أكدت إحدى النساء اللواتي أبلغن عن اعتداءات الفايد: “لا أريد أن يُنظر إليه باعتباره نوعاً ما البطل”.