بوليتكو: بوتين مستمر في تجويع السوريين وعلى بايدن التحرك

السوري اليوم - ترجمات
الجمعة, 26 مارس - 2021
صورة تعبيرية (UN)
صورة تعبيرية (UN)

نشر موقع بوليتيكو مقالا مشتركا لتشارلس ليستر من معهد الشرق الأوسط وجيفري فيلتمان، من معهد بروكينغز قالا فيه إن "بوتين يجوع سوريا، وماذا يمكن لبايدن عمله". ركز الباحثان على الوضع في شمال سوريا: "بالنسبة لـ 4.5 مليون شخص في شمال- غرب سوريا يعيشون وسط أنقاض سنوات من القصف الذي قامت به حكومتهم، فالشاحنات القادمة من الخارج تعتبر شريان حياة حقيقي. يصل الدعم إلى المناطق التي تسيطر عليها المعارضة وتعرضت لعمليات تجويع من نظام ديكتاتوري يقوده بشار الأسد.

روسيا والمعابر

وتعتبر روسيا، الأسد حليفا، ولهذا فهي تتعامل مع أي دعم حتى لو كان إنسانيا إهانة لحكمه. وبناء عليه، ففي أثناء المفاوضات التي جرت في كانون الثاني (يناير) من أجل تمديد وصول الإغاثة، دفعت روسيا لإغلاق معبرين من العراق وآخر من الأردن وكلاهما كانا يوفران شريان حياة لشمال- شرق وشرق سوريا. واستخدمت روسيا نفس الأسلوب في تموز (يوليو) لإغلاق معبر باب السلامة من تركيا، ولا يوجد سوى معبر واحد للمساعدات القادمة من تركيا وهو باب الهوى، وعبرت روسيا عن نية لإغلاقه عندما سيتم التصويت في الصيف المقبل. ولو نجحت فستقطع المساعدات الحدودية التي تبعثها الأمم المتحدة وبشكل كامل وستقطع صلات شمال- غرب سوريا من المجتمع الدولي وأي مساعدة.

فرصة لبايدن

ويرى الكاتبان أن الحرب السورية المستعصية منذ عقد لم تمنح صناع السياسة الفرصة لفرض سياسات تغير من الوضع، لكن في الصيف المقبل لدى بايدن هذه الفرصة، لكي تتأكد من تدفق المساعدات الإنسانية دونما معوقات لملايين السكان في شمال سوريا والذي باتوا بحاجة للمساعدة أكثر من أي وقت مضى. إلا أن هذه الفرصة لن تكون مجانية، فعلى الرئيس بايدن إلى جانب وزير خارجيته أنطوني بلينكن ومديرة (يو أس إيد) سامنثا باور القيام بجهود صلبة لتغيير الحسابات الروسية من الآن وحتى تموز "يوليو". وهذا يعني البحث عن طرق أخرى غير سوريا والشرق الأوسط للضغط على روسيا وزيادة التكاليف المحتملة لقطع الدعم الإنساني عن سوريا.

بوتين يهدف لدفع السوريين للاستسلام

وأعطت الحرب في سوريا بوتين الفرصة لتعزيز موقع روسيا كلاعب مهم في الشرق الأوسط وحماية حليف وبالضرورة هزيمة الجهود الامريكية الرامية لتغيير الأنظمة في الدول العربية. وفي عام 2021 لا أحد لديه شك من أن أيا من هذه الأهداف لم يتحقق، فقد عملت روسيا مع حزب الله اللبناني والحرس الثوري الإيراني لدعم الأسد. وحصلت على الدعم الدبلوماسي من الصين، التي تحتفظ بحق النقض في مجلس الأمن وظلت ترفض دعم الغرب للتغيير الديمقراطي في الخارج. بالإضافة لعلاقات دبلوماسية خاصة بها مع الأسد. الحرب في سوريا أعطت بوتين الفرصة لتعزيز موقع روسيا كلاعب مهم في الشرق الأوسط. روسيا تريد تحقيق هدف واحد وهو إجبار السوريين على الإستسلام لنظام قصفهم وقتلهم وأغار عليهم واستخدم الغاز الكيماوي ضدهم ولعقد من الزمان. وكانت الرافعة لكل هذه الجهود هي مجلس الأمن.

بوتين عمل على قطع الامدادات عن السوريين

وبحلول 2021 عبرت حوالي 44.000 شاحنة مساعدات إنسانية لمناطق المعارضة عبر نقاط العبور التي سمحت بها الأمم المتحدة. ورد المجتمع الدولي وبقوة للعمليات الإغاثية فيما حاول الأسد منع وصولها لمن يحتاجها أكثر. وفي بعض الحالات لم تعط السلطات السورية إذنا لمرور الشاحنات، وفي حالات أخرى صودرت الشحنات، وأخذ منها الثمين والمهم مثل حليب الأطفال. وتم تخريب ما تبقى مثل ملء أكياس الطحين بالزجاج وبقايا الطيور، ومع ذلك نجحت المساعدات الحدودية بتخفيف الآثار التي تركها تجاهل نظام الأسد للقانون الإنساني الدولي. وقد تغير هذا عندما بدأت خطوط القتال بالتجمد في سوريا ولم يستطع خليط من قوات محلية وأجنبية وميليشيات التقدم. ونظرا لحالة الجمود على خطوط القتال، بدأت روسيا بالبحث عن طرق أخرى لمساعدة نظام الأسد. وأخذت موسكو بالاعتماد على أوراقها في مجلس الأمن للضغط باتجاه منع وصول المساعدات لمناطق المعارضة، وحتى المناطق التي استعادها النظام بالعنف من المعارضة لم تعد تحصل على مساعدات إنسانية.

سياسة روسيا في الحصار والتجويع

وفي جنوب سوريا، مثلا والذي ظل خاضعا للجماعات المعارضة حتى منتصف 2018، أصبحت الظروف المعيشية سيئة وبدأ السكان بالاتصال مع أبنائهم أو أقاربهم الذين يعيشون في الخارج وجمع المال منهم والمشاركة في إعادة خطوط المياه أو التيار الكهربائي. واتخذت روسيا أول خطوة في استراتيجية الحصار والتجويع في كانون الثاني (يناير) 2020 عندما استخدمت الفيتو لإغلاق معبر اليعربية مع العراق. وعنى هذا فقدان 2.5 مليون نسمة في شمال- شرق سوريا المساعدات الإنسانية والطبية. واضطر سكانها الذين تسيطر عليهم قوات سوريا الديمقراطية "قسد" الاعتماد على مساعدات قليلة من معبر فيشخابور وأقل عبر الأمم المتحدة من دمشق. وبعد ستة أشهر، استطاعت روسيا وبدعم من الصين إغلاق كل المعابر باستثناء معبر باب الهوى. وجاءت هذه التسوية بعد تدخل تركيا التي تشترك بحدود مع شمال- غرب سوريا ولا تزال عالقة في علاقة حب وكره مع موسكو. وسينتهي التمديد في الصيف حيث هدد الدبلوماسيون الروس مرارا نيتهم رفض تمديد آخر. وفي الوقت الحالي يعتمد 4.5 مليون نسمة على المساعدات الإنسانية.

الأطفال يعانون من سوء التغذية

وتبلغ نسبة فقر التغذية بين الأطفال إلى واحد من أربعة أطفال وظهرت عليهم علامات الهزال. وتراجعت مستويات الحياة بشكل حاد نظرا لقلة المساعدات التي تعبر باب الهوى. ومع انتشار كوفيد-19 في شمال- غرب سوريا وبغياب المؤسسات الصحية لتوفير العناية فإن إغلاق المعبر المحتمل يعني أن اللقاحات التي ستصل المنطقة عبر برنامج منظمة الصحة العالمية كوفاكس لن تصل. وحذر مسؤول المساعدة في الأمم المتحدة مارك لوكوك في إيجاز له لمجلس الأمن الدولي أنه لو نفذت روسيا ما تريده فستتحول الأزمة الإنسانية في شمال سوريا "من رهيبة إلى كارثة". وستكون تداعيات إغلاق المعبر أبعد من الأزمة الإنسانيةـ وتعني استئناف الأعمال العدائية. ورغم وقف إطلاق النار الهش، إلا أن الروس والنظام زادوا من الضغط العسكري وقصفوا المستشفيات والطرق الرئيسية ومحطات الوقود والمخازن وأماكن وقوف الشاحنات. وهذه التحركات لا تعتبر خرقا لوقف إطلاق النار بل ومحاولة لتخفيض مستويات الحياة والتحضير لعملية عسكرية شاملة. وآخر مرة اندلع فيها العنف هرب مليون شخص، مما أسهم إلى أكبر كارثة لجوء نحو أوروبا. بالإضافة لهذا، فتدهور لظروف المعيشة يعني عودة التطرف واستغلال الجماعات الجهادية للوضع. ولأن روسيا واعية بما سينجم عنه إغلاق المعبر الأخير، فقد منعت منظمات المجتمع الدولي واللجنة الدولية للصليب الأحمر بالحديث أمام مجلس الأمن.

روسيا لا تقدم مساعدات

وتعطي تشكيلة مجلس الأمن لروسيا نفوذا على المساعدات الإنسانية أكبر من حجمها وما تقدمه من مساهمات. فهي لا تقدم للدعم الإنساني إلا نسبة 1% مقارنة مع 90% تقدمها أمريكا ودول الإتحاد الأوروبي. ومع ذلك لدى موسكو قدرة على اختطاف القرار وزيادة تدهور الأوضاع الإنسانية. لكن أمريكا وأوروبا لديها نفوذ من خلال عقد لقاءات غير رسمية لمناقشة الظروف الإنسانية وتبادل الرأي في الموضوعات الحساسة. ومع أنها تعقد بناء على دعوة من أعضاء مجلس الامن إلا أنها ليست عرضة للمراجعة أو المنع من الأعضاء الآخرين. وعقد لقاءات كهذه ستعطي واشنطن منبرا من أجل التأكيد على أهمية المساعدات الإنسانية. ويجب على أمريكا وحلفائها التعاون على مستويات عالية لمنع الصين وروسيا من استخدام الفيتو. وهناك جهود جارية وخطط بديلة للمساعدات لا تحتاج لتفويض من الأمم المتحدة. ويجب تنسيق الجهود هذه بين الرئيس بايدن ووزير خارجيته ومسؤولية التنمية الدولية الأمريكية لإظهار درجة من التشدد والجدية.